السراج المنير في تفسير القرآن الكريم للشربيني - الشربيني  
{فَٱلۡمُدَبِّرَٰتِ أَمۡرٗا} (5)

قال الواحدي : وهذا غير مطرد في قوله تعالى : { فالمدبرات أمراً } أي : الملائكة تدبر أمر الدنيا ، أي : تنزل بتدبيره . قال الرازي : ويمكن الجواب بأنها لما أمرت سبحت فسبقت فدبرت ما أمرت بتدبيره ، فتكون هذه أفعالاً يتصل بعضها ببعض ، وقال ابن عباس رضي الله عنهما : المدبرات هي الملائكة وكلوا بأمور عرّفهم الله تعالى العمل بها .

قال عبد الرحمن بن سابط : يدبر الأمر في الدنيا أربعة من الملائكة : جبريل وميكائيل وملك الموت وإسرافيل عليهم السلام ، فأما جبريل فوكل بالرياح والجنود ، وأما ميكائيل فوكل بالقطر والنبات ، وأما ملك الموت فوكل بقبض الأرواح ، وأما إسرافيل فهو ينزل بالأمر عليهم ، وليس في الملائكة أقرب منه وبينه وبين العرش خمسمائة عام . وقيل : هي الكواكب السبع ، حكي عن معاذ بن جبل رضي الله عنه .

وفي تدبيرها بالأمور وجهان : أحدهما تدبير طلوعها وأفولها ، والثاني في تدبير ما قضى الله تعالى فيها من تقليب الأحوال أقسم سبحانه وتعالى بهذه الأمور على قيام الساعة والبعث ، وإنما حذف لدلالة ما بعده عليه ، ولله تعالى أن يقسم بما شاء من خلقه ، وأما العباد فلا يصح لهم أن يقسموا بغير الله تعالى وصفاته .