مدارك التنزيل وحقائق التأويل للنسفي - النسفي  
{فَٱلۡمُدَبِّرَٰتِ أَمۡرٗا} (5)

بسم الله الرحمن الرحيم

{ والنّازعات غَرْقاً* والنّاشطاتِ نشطاً* والسّابحاتِ سبحاً* فالسّابقاتِ سبقاً* فالمدبّرات أمراً } لا وقف إلى هنا . ولزم هنا لأنه لو وصل لصار { يوم } ظرف { المدبرات } وقد انقضى تدبير الملائكة في ذلك اليوم . أقسم سبحانه بطوائف الملائكة التي تنزع الأرواح من الأجساد غرقاً أي إغراقاً في النزع أي تنزعها من أقاصي الأجساد من أناملها ومواضع أظفارها ، وبالطوائف التي تنشطها أي تخرجها من نشط الدلو من البئر إذا أخرجها ، وبالطوائف التي تسبح في مضيها أي تسرع فتسبق إلى ما أمروا به فتدبر أمراً من أمور العباد مما يصلحهم في دينهم أو دنياهم كما رسم لهم . أو بخيل الغزاة التي تنزع في أعنتها نزعاً تغرق فيه الأعنة لطول أعناقها لأنها عراب ، والتي تخرج من دار الإسلام إلى دار الحرب من قولك ثور ناشط إذا خرج من بلد إلى بلد ، والتي تسبح في جريها فتسبق إلى الغاية فتدبر أمر الغلبة والظفر ، وإسناد التدبير إليها لأنها من أسبابه . أو بالنجوم التي تنزع من المشرق إلى المغرب ، وإغراقها في النزع أن تقطع الفلك كله حتى تنحط في أقصى الغرب ، والتي تخرج من برج إلى برج والتي تسبح في الفلك من السيارة فتسبق فتدبر أمراً من علم الحساب . وجواب القسم محذوف وهو «لتبعثن » لدلالة ما بعده عليه من ذكر القيامة .