معالم التنزيل في تفسير القرآن الكريم للبغوي - البغوي [إخفاء]  
{نَتۡلُواْ عَلَيۡكَ مِن نَّبَإِ مُوسَىٰ وَفِرۡعَوۡنَ بِٱلۡحَقِّ لِقَوۡمٖ يُؤۡمِنُونَ} (3)

قوله تعالى :{ طسم تلك آيات الكتاب المبين*نتلوا عليك من نبإ موسى وفرعون بالحق } بالصدق ، { لقوم يؤمنون } يصدقون بالقرآن .

 
في ظلال القرآن لسيد قطب - سيد قطب [إخفاء]  
{نَتۡلُواْ عَلَيۡكَ مِن نَّبَإِ مُوسَىٰ وَفِرۡعَوۡنَ بِٱلۡحَقِّ لِقَوۡمٖ يُؤۡمِنُونَ} (3)

( نتلو عليك من نبأ موسى وفرعون بالحق لقوم يؤمنون . . )

فإلى القوم المؤمنين يوجه هذا الكتاب ؛ يربيهم به وينشئهم ويرسم لهم المنهاج ، ويشق لهم الطريق . وهذا القصص المتلو في السورة ، مقصود به أولئك المؤمنين ، وهم به ينتفعون .

وهذه التلاوة المباشرة من الله ، تلقي ظلال العناية والاهتمام بالمؤمنين ؛ وتشعرهم بقيمتهم العظيمة ومنزلتهم العالية الرفيعة . وكيف ? والله ذو الجلال يتلو على رسوله الكتاب من أجلهم ، ولهم ؛ بصفتهم هذه التي تؤهلهم لتلك العناية الكريمة : ( لقوم يؤمنون ) .

 
التحرير والتنوير لابن عاشور - ابن عاشور [إخفاء]  
{نَتۡلُواْ عَلَيۡكَ مِن نَّبَإِ مُوسَىٰ وَفِرۡعَوۡنَ بِٱلۡحَقِّ لِقَوۡمٖ يُؤۡمِنُونَ} (3)

وجملة { نتلو عليك من نبأ موسى } مستأنفة استئنافاً ابتدائياً .

ومهد لنبأ موسى وفرعون بقوله { نتلو عليك } للتشويق لهذا النبأ لما فيه من شتى العبر بعظيم تصرف الله في خلقه .

والتلاوة : القراءة لكلام مكتوب أو محفوظ كما قال تعالى { وأن أتلو القرآن } [ النمل : 92 ] ، وهو يتعدى إلى من تبلغ إليه التلاوة بحرف ( على ) وتقدمت عند قوله { واتبعوا ما تتلو الشياطين } في [ البقرة : 102 ] ، وقوله { وإذا تليت عليهم ءاياته } في سورة [ الأنفال : 2 ] .

وإسناد التلاوة إلى الله إسناد مجازي لأنه الذي يأمر بتلاوة ما يوحى إليه من الكلام والذي يتلو حقيقة هو جبريل بأمر من الله ، وهذا كقوله تعالى { تلك ءايات الله نتلوها عليك بالحق } في سورة [ البقرة : 252 ] .

وجلعت التلاوة على النبي صلى الله عليه وسلم لأنه الذي يتلقى ذلك المتلو . وعبر عن هذا الخبر بالنبإ لإفادة أنه خبر ذو شأن وأهمية .

واللام في { لقوم يؤمنون } لام التعليل ، أي نتلو عليك لأجل قوم يؤمنون فكانت الغاية من تلاوة النبأ على النبي صلى الله عليه وسلم هي أن ينتفع بذلك قوم يؤمنون فالنبي يبلغ ذلك للمؤمنين ؛ فإن كان فريق من المؤمنين سألوا أو تشوّفوا إلى تفصيل ما جاء من قصة موسى وفرعون في سورة الشعراء وسورة النمل وهو الظاهر ، فتخصيصهم بالتعليل واضح وانتفاع النبي صلى الله عليه وسلم بذلك معهم أجدر وأقوى ، فلذلك لم يتعرض له بالذكر اجتزاء بدلالة الفحوى لأن المقام لإفادة من سأل وغيرهم غير ملتفت إليه في هذا المقام .

وإن لم يكن نزول هذه القصة عن تشوف من المسلمين فتخصيص المؤمنين بالتلاوة لأجلهم تنويه بأنهم الذين ينتفعون بالعِبَر والمواعظ لأنهم بإيمانهم أصبحوا متطلّبين للعلم والحكمة متشوفين لأمثال هذه القصص النافعة ليزدادوا بذلك يقيناً .

وحصول ازدياد العلم للنبيء صلى الله عليه وسلم بذلك معلوم من كونه هو المتلقي والمبلغ ليتذكر من ذلك ما علمه من قبل ويزداد علماً بما عسى أن لا يكون قد علمه ، وفي ذلك تثبيت فؤاده كما قال تعالى { وكلاً نقص عليك من أنباء الرسل ما نثبت به فؤادك وجاءك في هذه الحق وموعظة وذكرى للمؤمنين } [ هود : 120 ] .

فالمراد بقوم يؤمنون قوم الإيمان شأنهم وسجيتهم . وللإشارة إلى معنى تمكن الإيمان من نفوسهم أجري وصف الإيمان على كلمة ( قوم ) ليفيد أن كونهم مؤمنين هو من مقومات قوميتهم كما قدمناه غير مرة . فالمراد : المتلبسون بالإيمان . وجيء بصيغة المضارع للدلالة على أن إيمانهم موجود في الحال ومستمر متجدد .

وفي هذا إعراض عن العبء بالمشركين في سوق هذه القصة بما يقصد فيها من العبرة والموعظة فإنهم لم ينتفعوا بذلك وإنما انتفع بها من آمن ومن سيؤمن بعد سماعها .

والباء في قوله { بالحق } للملابسة ، وهو حال من ضمير { نتلو } ، أو صفة للتلاوة المستفادة من { نتلو } .

والحق : الصدق لأن الصدق حق إذ الحق هو ما يحق له أن يثبت عند أهل العقول السليمة والأديان القويمة .

ومفعول { نتلو } محذوف دل عليه صفته وهي { من نبإ موسى وفرعون } فالتقدير : نتلو عليك كلاماً من نبأ موسى وفرعون .

و { من } تبعيضية فإن المتلو في هذه السورة بعض قصة موسى وفرعون في الواقع ألا ترى أنه قد ذكرت في القرآن أشياء من قصة موسى لم تذكر هنا مثل ذكر آية الطوفان والجراد .

وجعل الزمخشري { من } اسماً بمعنى ( بعض ) فجعلها مفعول { نتلو } . وجعل الأخفش { من } زائدة لأنه يرى أن { من } تزاد في الإثبات ، فجعل { نبإ موسى } هو المفعول جُرّ بحرف الجر الزائدة .

والنبأ : الخبر المهم العظيم .