معالم التنزيل في تفسير القرآن الكريم للبغوي - البغوي [إخفاء]  
{قَالَ فَٱلۡحَقُّ وَٱلۡحَقَّ أَقُولُ} (84)

قوله تعالى : { قال فالحق والحق أقول } قرأ عاصم و حمزة و يعقوب : { فالحق } برفع القاف على الابتداء ، وخبره محذوف تقديره : الحق مني ، ونصب الثانية أي : وأنا أقول الحق ، قاله مجاهد ، وقرأ الآخرون بنصبهما ، واختلفوا في وجههما ، قيل : نصب الأولى على الإغراء كأنه قال : الزم الحق ، والثاني بإيقاع القول عليه أي : أقول الحق . وقيل : الأول قسم ، أي ، فبالحق وهو الله عز وجل ، فانتصب بنزع الخافض ، وهو حرف الصفة ، وانتصاب الثاني بإيقاع القول عليه . وقيل : الثاني تكرار القسم ، أقسم الله بنفسه .

 
في ظلال القرآن لسيد قطب - سيد قطب [إخفاء]  
{قَالَ فَٱلۡحَقُّ وَٱلۡحَقَّ أَقُولُ} (84)

65

( قال : فالحق . والحق أقول . لأملأن جهنم منك وممن تبعك منهم أجمعين ) . .

والله يقول الحق دائماً . والقرآن يقرر هذا ويؤكد الإشارة إليه في هذه السورة في شتى صوره ومناسباته . فالخصم الذين تسوروا المحراب على داود يقولون له : ( فاحكم بيننا بالحق ولا تشطط ) . . والله ينادي عبده داود : ( فاحكم بين الناس بالحق ولا تتبع الهوى ) . . ثم يعقب على هذا بالإشارة إلى الحق الكامن في خلق السماوات والأرض : ( وما خلقنا السماء والأرض وما بينهما باطلاً . ذلك ظن الذين كفروا ) . . ثم يجيء ذكر الحق على لسان القوي العزيز : ( قال فالحق والحق أقول ) . . فهو الحق الذي تتعدد مواضعه وصوره ، وتتحد طبيعته وكنهه . ومنه هذا الوعد الصادق :

( لأملأن جهنم منك وممن تبعك منهم أجمعين ) . .

وهي المعركة إذن بين الشيطان وأبناء آدم ، يخوضونها على علم . والعاقبة مكشوفة لهم في وعد الله الصادق الواضح المبين . وعليهم تبعة ما يختارون لأنفسهم بعد هذا البيان . وقد شاءت رحمة الله ألا يدعهم جاهلين ولا غافلين . فأرسل إليهم المنذرين .

 
أنوار التنزيل وأسرار التأويل للبيضاوي - البيضاوي [إخفاء]  
{قَالَ فَٱلۡحَقُّ وَٱلۡحَقَّ أَقُولُ} (84)

{ قال فالحق والحق أقول } أي فأحق الحق وأقوله ، وقيل " الحق " الأول اسم الله نصبه بحذف حرف القسم كقوله :

إن عليك الله أن تبايعا *** . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

 
التحرير والتنوير لابن عاشور - ابن عاشور [إخفاء]  
{قَالَ فَٱلۡحَقُّ وَٱلۡحَقَّ أَقُولُ} (84)

أي قال الله تعالى تفريعاً ، وهذا التفريع نظير التفريع في قوله : { فبعزَّتِكَ لأُغوينهم أجمعينَ } [ ص : 82 ] .

وقوبل تأكيد عزمه الذي دل عليه قولُه { فبعزتك } [ ص : 82 ] بتأكيدٍ مثله ، وهو لفظ { الحقَّ } الدال على أن ما بعده حق ثابت لا يتخلف ، ولم يزد في تأكيد الخبر على لفظ { الحق } تذكيراً بأن وعد الله تعالى حق لا يحتاج إلى قَسَم عليه ترفعاً من جلال الله عن أن يقابل كلام الشيطان بقَسَم مثله . ولذلك زاد هذا المعنى تقريراً بالجملة المعترضة وهي { والحقّ أقول } الذي هو بمعنى : لا أقول إلا الحق ، ولا حاجة إلى القَسَم .

وقرأ الجمهور : { فالحقّ } بالنصب وانتصابه على المفعولية المطلقة بدلاً عن فعل من لفظه محذوففٍ تقديره : أُحقّ ، أي أُوْجب وأحقّق . وأصله التنكير ، فتعريفه باللام تعريف الجنس كالتعريف في : أرسلَها العِراك ، فهو في حكم النكرة وإنما تعريفه حِلية لفظية إشارة إلى ما يعرفه السامع من أن الحق ما هو وتقدم بيانه في أول الفاتحة .

وقرأه عاصم وحمزة بالرفع على أنه لمَّا تعرف باللام غلبت عليه الاسمية فتنوسي كونه نائباً عن الفعل . وهذا الرفع إما على الابتداء ، أي فالحق قولي ، أو فالحق لأملأنّ جهنم الخ ، على أن تكون جملة القَسَم قائمة مقام الخبر ، وإمّا على الخبرية ، أي فقولي الحقّ وتكون جملة { لأملأنَّ جهنَّمَ } مُفسر القول المحذوف ، ولا خلاف في نصب الحق من قوله : { والحق أقول . } وتقدم تفصيل ذلك في أول سورة الفاتحة .