واعلم أن إبليس لما ذكر هذا الكلام قال الله تعالى : { فالحق والحق أقول لأملأن جهنم منك وممن تبعك منهم أجمعين } وفيه مسائل :
المسألة الأولى : قرأ عاصم وحمزة { فالحق } بالرفع { والحق } بالنصب ، والباقون بالنصب فيهما . أما الرفع فتقديره فالحق قسمي . وأما النصب فعلى القسم ، أي فبالحق ، كقولك والله لأفعلن . وأما قوله : { والحق أقول } انتصب قوله : { والحق } بقوله : { أقول } .
المسألة الثانية : قوله : { منك } أي من جنسك ، وهم الشياطين { وممن تبعك منهم } من ذرية آدم ، فإن قيل قوله : { أجمعين } تأكيد لماذا ؟ قلنا : يحتمل أن يؤكد به الضمير في { منهم } ، أو الكاف في { منك } مع من تبعك ، ومعناه لأملأن جهنم من المتبوعين والتابعين لا أترك منهم أحدا .
المسألة الثالثة : احتج أصحابنا بهذه الآية في مسألة أن الكل بقضاء الله من وجوه الأول : أنه تعالى قال في حق إبليس : { فاخرج منها فإنك رجيم * وإن عليك لعنتي إلى يوم الدين } فهذا إخبار من الله تعالى بأنه لا يؤمن ، فلو آمن لانقلب خبر الله الصدق كذبا وهو محال ، فكان صدور الإيمان منه محالا مع أنه أمر به والثاني : أنه قال : { فبعزتك لأغوينهم أجمعين } فالله تعالى علم منه أنه يغويهم ، وسمع منه هذه الدعوى ، وكان قادرا على منعه عن ذلك ، والقادر على المنع إذا لم يمنع كان راضيا به ، فإن قالوا : لعل ذلك المنع مفسد ، قلنا : هذا قول فاسد ، لأن ذلك المنع يخلص إبليس عن الإضلال ، ويخلص بني آدم عن الضلال ، وهذا عين المصلحة الثالث : أنه تعالى أخبر أنه يملأ جهنم من الكفرة ، فلو لم يكفروا لزم الكذب والجهل في حق الله تعالى الرابع : أنه لو أراد أن لا يكفر الكافر لوجب أن يبقى الأنبياء والصالحين ، وأن يميت إبليس والشياطين ، وحيث قلب الأمر علمنا أنه فاسد الخامس : أن تكليف أولئك الكفار بالإيمان ، يقتضي تكليفهم بالإيمان بهذه الآيات التي هي دالة على أنهم لا يؤمنون البتة ، وحينئذ يلزم أن يصيروا مكلفين بأن يؤمنوا بأنهم لا يؤمنون البتة ، وذلك تكليف بما لا يطاق ، والله أعلم .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.