الكشاف عن حقائق التنزيل للزمخشري - الزمخشري  
{قَالَ فَٱلۡحَقُّ وَٱلۡحَقَّ أَقُولُ} (84)

قرىء : «فالحق والحق » منصوبين على أن الأول مقسم به كالله في :

إن عليك الله أن تبايعا *** . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

وجوابه { لاَمْلاَنَّ } والحق أقول : اعتراض بين المقسم به والمقسم عليه ، ومعناه : ولا أقول إلاّ الحق . والمراد بالحق : إمّا اسمه عزّ وعلا الذي في قوله : { أَنَّ الله هُوَ الحق المبين } [ النور : 25 ] أو الحق الذي هو نقيض الباطل : عظمه الله بإقسامه به . ومرفوعين على أنّ الأوّل مبتدأ محذوف الخبر ، كقوله : ( لعمرك ) أي : فالحق قسمي لأملأنّ . والحق أقول ، أي : أقوله كقوله كله لم أصنع ، ومجرورين : على أنّ الأوّل مقسم به قد أضمر حرف قسمه ، كقولك : الله لأفعلنّ . والحق أقول ، أي : ولا أقول إلاّ الحق على حكاية لفظ المقسم به . ومعناه : التوكيد والتشديد . وهذا الوجه جائز في المنصوب والمرفوع أيضاً . وهو وجه دقيق حسن . وقرىء : برفع الأوّل وجرّه مع نصب الثاني ، وتخريجه على ما ذكرنا { مِنكَ } من جنسك وهم الشياطين { وَمِمَّن تَبِعَكَ مِنْهُمْ } من ذرية آدم ،

فإن قلت : { أَجْمَعِينَ } تأكيد لماذا ؟ قلت : لا يخلو أن يؤكد به الضمير في منهم ، أو الكاف في منك مع من تبعك . ومعناه : لأملأن جهنم من المتبوعين والتابعين أجمعين ، لا أترك منهم أحداً . أو لأملأنها من الشياطين وممن تبعهم من جميع الناس ، لا تفاوت في ذلك بين ناس وناس بعد وجود الأتباع منهم من أولاد الأنبياء وغيرهم .