فإذا انتهى هذا التوجيه الإلهي للنبي الكريم ، اتجه السياق إلى بيان ما ينذر به الآخرين ، في لمسة توقظ الحس لليوم العسير ، الذي ينذر بمقدمه النذير :
( فإذا نقر في الناقور . فذلك يومئذ يوم عسير . على الكافرين غير يسير ) . .
والنقر في الناقور ، هو ما يعبر عنه في مواضع أخرى بالنفخ في الصور . ولكن التعبير هنا أشد إيحاء بشدة الصوت ورنينه ؛ كأنه نقر يصوت ويدوي . والصوت الذي ينقر الآذان أشد وقعا من الصوت الذي تسمعه الآذان . .
فإذا نقر نفخ في الناقور في الصور فاعول من النقر بمعنى التصويت وأصله القرع الذي هو سبب الصوت والفاء للسببية كأنه قال اصبر على زمان صعب تلقى فيه عاقبة صبرك وأعداؤك عاقبة ضرهم وإذا ظرف لما دل عليه قوله :فذلك يومئذ يوم عسير لأن معناه عسر الأمر على الكافرين وذلك إشارة إلى وقت النقر وهو مبتدأ خبره يوم عسير و يومئذ بدل أو ظرف لخبره إذ التقدير فذلك الوقت وقت وقوع يوم عسير .
الفاء لتسبب هذا الوعيد عن الأمر بالإِنذار في قوله { فأنذر } [ المدثر : 2 ] ، أي فأنذر المنذَرين وأنذرهم وقتَ النقر في الناقور وما يقع يومئذٍ بالذين أُنذروا فأعرضوا عن التذكرة ، إذ الفاء يجب أن تكون مرتبطة بالكلام الذي قبلها .
ويجوز أن يكون معطوفاً على { فاصبر } [ المدثر : 7 ] بناء على أنه أمر بالصبر على أذى المشركين .
و { الناقور } : البوق الذي ينادى به الجيش ويسمى الصُّور وهو قرن كبير ، أو شبهُه ينفخ فيه النافخ لنداء ناس يجتمعون إليه من جيش ونحوه ، قال خُفاف بن نَدْبَةَ :
إذا نَاقورُهم يوماً تَبَدَّى *** أجاب الناسُ من غرب وشَرق
ووزنه فاعول وهو زنة لما يقع به الفعل من النقْر وهو صوت اللسان مثل الصفير فقوله نُقر ، أي صُوِّت ، أي صوَّت مُصَوِّتٌ . وتقدم ذكر الصور في سورة الحاقة .
و ( إذا ) اسم زمان أضيف إلى جملة { نقر في الناقور } وهو ظرف وعامله ما دل عليه قوله : { فَذلك يومئذٍ يوم عسير } لأنه في قوة فِعْل ، أي عَسُر الأمرُ على الكافرين .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.