في ظلال القرآن لسيد قطب - سيد قطب [إخفاء]  
{أَخۡرَجَ مِنۡهَا مَآءَهَا وَمَرۡعَىٰهَا} (31)

( والأرض بعد ذلك دحاها . أخرج منها ماءها ومرعاها . والجبال أرساها ) . .

ودحو الأرض تمهيدها وبسط قشرتها ، بحيث تصبح صالحة للسير عليها ، وتكوين تربة تصلح للإنبات ، وإرساء الجبال وهو نتيجة لاستقرار سطح الأرض ووصول درجة حرارته إلى هذا الاعتدال الذي يسمح بالحياة . والله أخرج من الأرض ماءها سواء ما يتفجر من الينابيع ، أو ما ينزل من السماء فهو أصلا من مائها الذي تبخر

ثم نزل في صورة مطر . وأخرج من الأرض مرعاها وهو النبات الذي يأكله الناس والأنعام وتعيش عليه الأحياء مباشرة وبالواسطة . .

وكل أولئك قد كان بعد بناء السماء ، وبعد إغطاش الليل وإخراج الضحى . والنظريات الفلكية الحديثة تقرب من مدلول هذا النص القرآني حين تفترض أنه قد مضى على الأرض مئات الملايين من السنين ، وهي تدور دوراتها ويتعاقب الليل والنهار عليها قبل دحوها وقبل قابليتها للزرع . وقبل استقرار قشرتها على ما هي عليه من مرتفعات ومستويات .

/خ33

 
تفسير القرآن العظيم لابن كثير - ابن كثير [إخفاء]  
{أَخۡرَجَ مِنۡهَا مَآءَهَا وَمَرۡعَىٰهَا} (31)

وقوله : { وَالأرْضَ بَعْدَ ذَلِكَ دَحَاهَا } فسره بقوله : { أَخْرَجَ مِنْهَا مَاءَهَا وَمَرْعَاهَا } وقد تقدم في سورة " حم السجدة " {[29684]} أن الأرض خلقت قبل السماء ، ولكن إنما دُحيت بعد خلق السماء ، بمعنى أنه أخرج ما كان فيها بالقوة إلى الفعل . وهذا معنى قول ابن عباس ، وغير واحد ، واختاره ابن جرير .

وقال ابن أبي حاتم : حدثنا أبي ، حدثنا عبد الله بن جعفر الرقي ، حدثنا عبيد الله - يعني ابن عمرو - عن زيد بن أبي أنيسة ، عن المِنْهال بن عَمْرو ، عن سعيد بن جبير ، عن ابن عباس : { دَحَاهَا } وَدَحْيها أن أخرج منها الماء والمرعى ، وشقق [ فيها ]{[29685]} الأنهار ، وجعل فيها الجبال والرمال والسبل والآكام ، فذلك قوله : { وَالأرْضَ بَعْدَ ذَلِكَ دَحَاهَا } وقد تقدم تقرير ذلك هنالك .


[29684]:- (2) عند تفسير الآية: 9.
[29685]:- (3) زيادة من أ.

 
التحرير والتنوير لابن عاشور - ابن عاشور [إخفاء]  
{أَخۡرَجَ مِنۡهَا مَآءَهَا وَمَرۡعَىٰهَا} (31)

وجملة { أخرج منها ماءها ومرعاها } بدل اشتمال من جملة { دحاها } لأن المقصد من دحوها بمقتضى ما يكمل تيسير الانتفاع بها .

ولا يصح جعل جملة { أخرج منها ماءها } إلى آخرها بياناً لجملة { دحاها } لاختلاف معنى الفعلين .

والمرعى : مَفْعَل من رَعَى يرعَى ، وهو هنا مصدر ميمي أطلق على المفعول كالخلق بمعنى المخلوق ، أي أخرج منها ما يُرْعَى .

والرعي : حقيقته تناول الماشية الكلأ والحشيش والقصيل .

فالاقتصار على المرعى اكتفاء عن ذكر ما تخرجه الأرض من الثمار والحبوب لأن ذكر المرعى يدل على لطف الله بالعجماوات فيعرف منه أن اللطف بالإِنسان أحرى بدلالة فحوى الخطاب ، والقرينةُ على الاكتفاء قوله بعده { متاعاً لكم ولأنعامكم } [ النازعات : 33 ] .

وقد دل بذكر الماء والمرعى على جميع ما تخرجه الأرض قوتاً للناس وللحيوان حتى ما تُعالَج به الأطعمة من حطب للطبخ فإنه مما تنبت الأرض ، وحتى الملح فإنه من الماء الذي على الأرض .