فتح البيان في مقاصد القرآن للقنوجي - صديق حسن خان  
{أَخۡرَجَ مِنۡهَا مَآءَهَا وَمَرۡعَىٰهَا} (31)

قرأ الجمهور بنصب الأرض على الاشتغال وقرئ بالرفع على الابتداء .

ثم فسر سبحانه الدحو فقال : { أخرج منها ماءها ومرعاها } فجرت من الأرض الأنهار والبحار والعيون ، والمرعى النبات الذي يرعى والمرعى مصدر سمي أي رعيها هو في الأصل موضع الرعي ، واستعير الرعي للإنسان على سبيل التجوز .

قال الشهاب : والمرعى ما يأكله الحيوان غير الإنسان فأريد به مجازا مطلق المأكول للإنسان وغيره ، فهو مجاز مرسل من باب استعمال المقيد في المطلق انتهى ، وهو استعارة تصريحية حيث شبه أكل الناس برعي الدواب أو فيه جمع بين الحقيقة والمجاز ، وقال الكرخي : يجوز أن يكون استعارة معنوية .

والظاهر أنه تغليب لأن قوله الآتي { متاعا لكم ولأنعامكم } وارد عليه ومن حقه أن تغلب ذوو العقول على الأنعام فعكس تجهيلا لأن الكلام مع منكري الحشر بشهادة قوله { أأنتم أشد خلق } كما مر كأنه قيل أيها المعاندون الداخلون في زمرة البهائم الملزوزون في قرنها في تمتعكم بالدنيا وذهولكم عن الأخرى .

والجملة إما بيان وتفسير لدحاها لأن السكنى لا تتأتى بمجرد البسط بل لا بد من تسوية أمر المعاش من المأكل والمشرب ، وإما في محل نصب على الحال .