الكشاف عن حقائق التنزيل للزمخشري - الزمخشري  
{أَخۡرَجَ مِنۡهَا مَآءَهَا وَمَرۡعَىٰهَا} (31)

{ مَاءهَا } عيونها المتفجرة بالماء { ومرعاها } ورعيها ، وهو في الأصل موضع الرعي . ونصب الأرض والجبال بإضمار «دحا » و«أرسى » وهو الإضمار على شريطة التفسير . وقرأهما الحسن مرفوعين على الابتداء .

فإن قلت : هلا أدخل حرف العطف على أخرج ؟ قلت : فيه وجهان ، أحدهما : أن يكون معنى { دحاها } بسطها ومهدها للسكنى ، ثم فسر التمهيد بما لا بدّ منه في تأتي سكناها ، من تسوية أمر المأكل والمشرب ؛ وإمكان القرار عليها ، والسكون بإخراج الماء والمرعى ، وإرساء الجبال وإثباتها أوتادا لها حتى تستقر ويستقر عليها . والثاني : أن يكون { وأَخْرَجَ } حالاً بإضمار «قد » كقوله : { أَوْ جاءوكم حَصِرَتْ صُدُورُهُمْ } [ النساء : 90 ] وأراد بمرعاها : ما يأكل الناس والأنعام . واستعير الرعي للإنسان كما استعير الرتع في قوله : { نَرتعُ وَنَلْعَبُ } [ يوسف : 12 ] وقرىء : «نرتع » من الرعى ؛ ولهذا قيل : دلّ اللَّه سبحانه بذكر الماء والمرعى على عامة ما يرتفق به ويتمتع مما يخرج من الأرض حتى الملح ، لأنه من الماء .