معالم التنزيل في تفسير القرآن الكريم للبغوي - البغوي [إخفاء]  
{ثُمَّ لَقَطَعۡنَا مِنۡهُ ٱلۡوَتِينَ} (46)

{ ثم لقطعنا منه الوتين } قال ابن عباس : أي نياط القلب ، وهو قول أكثر المفسرين . وقال مجاهد : الحبل الذي في الظهر . وقيل هو عرق يجري في الظهر حتى يتصل بالقلب ، فإذا انقطع مات صاحبه .

 
في ظلال القرآن لسيد قطب - سيد قطب [إخفاء]  
{ثُمَّ لَقَطَعۡنَا مِنۡهُ ٱلۡوَتِينَ} (46)

وفي النهاية يجيء ذلك التهديد الرعيب ، لمن يفتري على الله في شأن العقيدة وهي الجد الذي لا هوادة فيه . يجيء لتقرير الإحتمال الواحد الذي لا احتمال غيره ، وهو صدق الرسول [ صلى الله عليه وسلم ] وأمانته فيما أبلغه إليهم أو يبلغه . بشهادة أن الله لم يأخذه أخذا شديدا . كما هو الشأن لو انحرف أقل انحراف عن أمانة التبليغ :

( ولو تقول علينا بعض الأقاويل . لأخذنا منه باليمين . ثم لقطعنا منه الوتين . فما منكم من أحد عنه حاجزين ) . .

ومفاد هذا القول من الناحية التقريرية أن محمدا [ صلى الله عليه وسلم ] صادق فيما أبلغهم . وأنه لو تقول بعض الأقاويل التي لم يوح بها إليه ، لأخذه الله فقتله على هذا النحو الذي وصفته الآيات . ولما كان هذا لم يقع فهو لا بد صادق .

هذه هي القضية من الناحية التقريرية . . ولكن المشهد المتحرك الذي ورد فيه هذا التقرير شيء آخر ، يلقي ظلالا بعيدة وراء المعنى التقريري . ظلالا فيها رهبة وفيها هول . كما أن فيها حركة وفيها حياة . ووراءها إيحاءات وإيماءات وإيقاعات !

فيها حركة الأخذ باليمين وقطع الوتين . وهي حركة عنيفة هائلة مروعة حية في الوقت ذاته . ووراءها الإيحاء بقدرة الله العظيمة وعجز المخلوق البشري أمامها وضعفه . . البشر أجمعين . . كما أن وراءها الإيماء إلى جدية هذا الأمر التي لا تحتمل تسامحا ولا مجاملة لأحد كائنا من كان . ولو كان هو محمد الكريم عند الله الأثير الحبيب . ووراءها بعد هذا كله إيقاع الرهبة والهول والخشوع !

 
تفسير القرآن العظيم لابن كثير - ابن كثير [إخفاء]  
{ثُمَّ لَقَطَعۡنَا مِنۡهُ ٱلۡوَتِينَ} (46)

{ ثُمَّ لَقَطَعْنَا مِنْهُ الْوَتِينَ } قال ابن عباس : وهو نياط القلب ، وهو العِرْقُ الذي القلب معلق فيه . وكذا قال عكرمة ، وسعيد بن جبير ، والحكم ، وقتادة ، والضحاك ، ومسلم البَطِين ، وأبو صخر حُميد بن زياد .

وقال محمد بن كعب : هو القلب ومَرَاقَّه وما يليه .

 
أنوار التنزيل وأسرار التأويل للبيضاوي - البيضاوي [إخفاء]  
{ثُمَّ لَقَطَعۡنَا مِنۡهُ ٱلۡوَتِينَ} (46)

ثم لقطعنا منه الوتين أي نياط قلبه بضرب عنقه وهو تصوير لإهلاكه بأفظع ما يفعله الملوك بمن يغضبون عليه وهو أن يأخذ المقتول بيمينه ويكفحه بالسيف ويضرب به جيده وقيل اليمين بمعنى القوة .

 
المحرر الوجيز في تفسير الكتاب العزيز لابن عطية - ابن عطية [إخفاء]  
{ثُمَّ لَقَطَعۡنَا مِنۡهُ ٱلۡوَتِينَ} (46)

و { الوتين } : نياط القلب ، قاله ابن عباس وهو عرق غليظ تصادفه شفرة الناحر ، ومنه قول الشماخ : [ الوافر ]

إذا بلغتني وحملت رحلي*** عرادة فاشرقي بدم الوتين{[11303]}

فمعنى الآية لأذهبنا حياته معجلاً .


[11303]:كان الشماخ قد خرج يريد المدينة، فصحب عرابة بن أوس الأنصاري، فسأله عرابة عما يريد بالمدينة، فقال: أردت أن أمتار لأهلي، وكان مع عرابة بعيران، فأنزل الشماخ وأكرمه، وأوقر له بعيريه تمرا وبرا، فقال فيه أبياتا منها هذا البيت، والخطاب للناقة، والرحل: ما يوضع على ظهر البعير للركوب، وكل ما يعد للرحيل، وعرابة هذا صحابي جليل، والوتين: هو العرق الذي وصفه ابن عطية، وشرق يشرق بمعنى: غص، يقول لناقته: إذا أنت أوصلتني إلى عرابة فقد حققت كل آمالي، ولا حاجة بي إليك، ولا يهمني أن أريق دمك.
 
التحرير والتنوير لابن عاشور - ابن عاشور [إخفاء]  
{ثُمَّ لَقَطَعۡنَا مِنۡهُ ٱلۡوَتِينَ} (46)

و { الوتين } : عِرق معلَّق به القلب ويسمى النياط ، وهو الذي يسقي الجسد بالدم ولذلك يقال له : نَهرُ الجسد ، وهو إذا قطع مات صاحبه وهو يقطع عند نحر الجزور .

فقطع الوتين من أحوَال الجزور ونحرها ، فشبه عقاب من يُفرض تَقوُّله على الله بجزور تنحر فيقطع وتينها .

ولم أقف على أن العرب كانوا يكنّون عن الإِهلاك بقطع الوتين ، فهذا من مبتكرات القرآن .

و { منه } صفة للوتين ، أو متعلق ب ( قطعنا ) ، أي أزلناه منه .

وبينَ { منه } الأولى و { منه } الثانية محسِّن الجناس .

 
الجامع التاريخي لبيان القرآن الكريم - مركز مبدع [إخفاء]  
{ثُمَّ لَقَطَعۡنَا مِنۡهُ ٱلۡوَتِينَ} (46)

تفسير مقاتل بن سليمان 150 هـ :

{ثم لقطعنا منه الوتين} يعني عرق يكون في القلب وهو نياط القلب، وإذا انقطع مات صاحبه.

تأويلات أهل السنة للماتريدي 333 هـ :

قال: نعذبه عذابا، لا بقاء له مع ذلك العذاب، وهذا من أعظم آيات الرسل في أنهم متى زلوا أخذوا على ما كان منهم ويكون فيه أمان الخلق من إحداث التغيير والتبديل من الرسل لأنهم لو غيروا لعذبوا.

الكشاف عن حقائق التنزيل للزمخشري 538 هـ :

لقطعنا وتينه، وهو حبل الوريد.

مفاتيح الغيب للرازي 606 هـ :

واعلم أن حاصل هذه الوجوه؛ أنه لو نسب إلينا قولا لم نقله، لمنعناه عن ذلك بأن نسلب عنده القدرة على التكلم بذلك القول، وهذا هو الواجب في حكمة الله تعالى لئلا يشتبه الصادق بالكاذب.

الوتين هو العرق المتصل من القلب بالرأس الذي إذا قطع مات الحيوان، قال ابن قتيبة: ولم يرد أنا نقطعه بعينه، بل المراد أنه لو كذب لأمتناه، فكان كمن قطع وتينه، ونظيره قوله عليه السلام: « ما زالت أكلة خيبر تعاودني فهذا أوان انقطاع أبهري» والأبهر عرق يتصل بالقلب، فإذا انقطع، مات صاحبه فكأنه قال: هذا أوان يقتلني السم وحينئذ صرت كمن انقطع أبهره.

نظم الدرر في تناسب الآيات و السور للبقاعي 885 هـ :

ولما صور مبدأ الإهلاك بأفظع صورة، أتمه مشيراً إلى شدة بشاعته بحرف التراخي فقال: {ثم لقطعنا} حتماً بلا مثنوية، بما لنا من العظمة قطعاً يتلاشى عنده كل قطع.

{منه الوتين} أي العرق الأعظم في العنق الثابت الدائم المتين الذي يسمى الوريد، وهو بين العلباء والحلقوم، واختير التعبير به لأن مادته بهذا الترتيب تدور على المتانة والدوام، فلذا كان يفوت صاحبه بفواته.

في ظلال القرآن لسيد قطب 1387 هـ :

وفي النهاية يجيء ذلك التهديد الرعيب، لمن يفتري على الله في شأن العقيدة وهي الجد الذي لا هوادة فيه. يجيء لتقرير الاحتمال الواحد الذي لا احتمال غيره، وهو صدق الرسول [صلى الله عليه وسلم] وأمانته فيما أبلغه إليهم أو يبلغه. بشهادة أن الله لم يأخذه أخذا شديدا. كما هو الشأن لو انحرف أقل انحراف عن أمانة التبليغ:

(ولو تقول علينا بعض الأقاويل. لأخذنا منه باليمين. ثم لقطعنا منه الوتين. فما منكم من أحد عنه حاجزين)..

ومفاد هذا القول من الناحية التقريرية أن محمدا [صلى الله عليه وسلم] صادق فيما أبلغهم. وأنه لو تقول بعض الأقاويل التي لم يوح بها إليه، لأخذه الله فقتله على هذا النحو الذي وصفته الآيات. ولما كان هذا لم يقع فهو لا بد صادق.

هذه هي القضية من الناحية التقريرية.. ولكن المشهد المتحرك الذي ورد فيه هذا التقرير شيء آخر، يلقي ظلالا بعيدة وراء المعنى التقريري. ظلالا فيها رهبة وفيها هول. كما أن فيها حركة وفيها حياة. ووراءها إيحاءات وإيماءات وإيقاعات!

فيها حركة الأخذ باليمين وقطع الوتين. وهي حركة عنيفة هائلة مروعة حية في الوقت ذاته. ووراءها الإيحاء بقدرة الله العظيمة وعجز المخلوق البشري أمامها وضعفه.. البشر أجمعين.. كما أن وراءها الإيماء إلى جدية هذا الأمر التي لا تحتمل تسامحا ولا مجاملة لأحد كائنا من كان. ولو كان هو محمد الكريم عند الله الأثير الحبيب. ووراءها بعد هذا كله إيقاع الرهبة والهول والخشوع!