قوله تعالى : { لأخذنا منه باليمين ، ثم لقطعنا منه الوتين } وفيه مسألتان :
المسألة الأولى : في الآية وجوه ( الأول ) معناه لأخذنا بيده ، ثم لضربنا رقبته ، وهذا ذكره على سبيل التمثيل بما يفعله الملوك بمن يتكذب عليهم ، فإنهم لا يمهلونه ، بل يضربون رقبته في الحال ، وإنما خص اليمين بالذكر ، لأن القتال إذا أراد أن يوقع الضرب في قفاه أخذ بيساره ، وإذا أراد أن يوقعه في جيده وأن يلحقه بالسيف ، وهو أشد على المعمول به ذلك العمل لنظره إلى السيف أخذ بيمينه ، ومعناه : لأخذنا بيمينه .
كما أن قوله : { لقطعنا منه الوتين } لقطعنا وتينه وهذا تفسير بين وهو منقول عن الحسن البصري ( القول الثاني ) أن اليمين بمعنى القوة والقدرة وهو قول الفراء والمبرد والزجاج ، وأنشدوا قول الشماخ :
إذا ما راية رفعت لمجد *** تلقاها عرابة باليمين
والمعنى لأخذ منه اليمين ، أي سلبنا عنه القوة ، والباء على هذا التقدير صلة زائدة ، قال ابن قتيبة : وإنما قام اليمين مقام القوة ، لأن قوة كل شيء في ميامنه ( والقول الثالث ) قال مقاتل : { لأخذنا منه باليمين } يعني انتقمنا منه بالحق ، واليمين على هذا القول بمعنى الحق ، كقوله تعالى : { إنكم كنتم تأتوننا عن اليمين } أي من قبل الحق .
واعلم أن حاصل هذه الوجوه أنه لو نسب إلينا قولا لم نقله لمنعناه عن ذلك إما بواسطة إقامة الحجة فإنا كنا نقيض له من يعارضه فيه ، وحينئذ يظهر للناس كذبه فيه ، فيكون ذلك إبطالا لدعواه وهدما لكلامه ، وإما بأن نسلب عنده القدرة على التكلم بذلك القول ، وهذا هو الواجب في حكمة الله تعالى لئلا يشتبه الصادق بالكاذب .
المسألة الثانية : الوتين هو العرق المتصل من القلب بالرأس الذي إذا قطع مات الحيوان قال أبو زيد : وجمعه الوتن و [ يقال ] ثلاثة أوتنة والموتون الذي قطع وتينه ، قال ابن قتيبة : ولم يرد أنا نقطعه بعينه بل المراد أنه لو كذب لأمتناه ، فكان كمن قطع وتينه ، ونظيره قوله عليه السلام : « ما زالت أكلة خيبر تعاودني فهذا أوان انقطاع ابهرى » والأبهر عرق يتصل بالقلب ، فإذا انقطع مات صاحبه فكأنه قال : هذا أوأن يقتلني السم وحينئذ صرت كمن انقطع أبهره .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.