سورة   الحاقة
 
السراج المنير في تفسير القرآن الكريم للشربيني - الشربيني  
{ثُمَّ لَقَطَعۡنَا مِنۡهُ ٱلۡوَتِينَ} (46)

{ ثم لقطعنا } أي : بما لنا من العظمة قطعاً يتلاشى عنده كل قطع { منه الوتين } أي : نياط القلب وهو يتصل من الرأس إذا انقطع مات صاحبه ، قال أبو زيد : وجمعه الوتن وثلاثة أوتنة والموتون الذي قطع وتينه . وقال الكلبي : هو عرق بين العلباء والحلقوم وهما علباوان بينهما العرق والعلباء عصب العنق ، وقيل : عرق غليظ تصادفه شفرة الناحر ، وقال مجاهد رضي الله عنه : هو حبل القلب الذي في الظهر وهو النخاع ، فإذا انقطع بطلت القوى ومات صاحبه .

وقال محمد بن كعب رضي الله عنه : إنه القلب ومراقه وما يليه ، وقال عكرمة رضي الله عنه : إن الوتين إذا قطع ، لا إن جاع عرف ولا إن شبع عرف ، وقيل : الوتين من مجمع الوركين إلى مجمع الصدر بين الترقوتين ، ثم تنقسم منه سائر العروق إلى سائر الجسد ، ولا يمكن في العادة الحياة بعد قطعه . وقال ابن قتيبة : لم يرد أنا نقطعه بعينه بل المراد أنه لو كذب لأمتناه ، فكان كمن قطع وتينه . ونظيره قوله صلى الله عليه وسلم «ما زالت أكلة خيبر تعاودني فهذا أوان انقطاع أبهري » . والأبهر : عرق متصل بالقلب ، فإذا انقطع مات صاحبه فكأنه قال : هذا أوان يقتلني السم وحينئذ صرت كمن انقطع أبهره .