فأما الذين لا يشعرون بهذا كله ، فيطلبون آية يصدقون بها هذا القرآن ! هؤلاء المطموسون الذين لا تتفتح قلوبهم للنور . هؤلاء لا جدوى من المحاولة معهم ؛ وليترك أمر الفصل بينه وبينهم إلى الله !
قل : كفى بالله بيني وبينكم شهيدا ، يعلم ما في السموات والأرض . والذين آمنوا بالباطل وكفروا بالله أولئك هم الخاسرون . .
وشهادة من يعلم ما في السماوات والأرض أعظم شهادة . وهو الذي يعلم أنهم على الباطل : ( والذين آمنوا بالباطل وكفروا بالله أولئك هم الخاسرون ) . .
الخاسرون على الإطلاق . الخاسرون لكل شيء . الخاسرون للدنيا والآخرة . الخاسرون لأنفسهم وللهدى والاستقامة والطمأنينة والحق والنور .
إن الإيمان بالله كسب . كسب في ذاته . والأجر عليه بعد ذلك فضل من الله . إنه طمأنينة في القلب واستقامة على الطريق ، وثبات على الأحداث ؛ وثقة بالسند ، واطمئنان للحمى ، ويقين بالعاقبة . وإن هذا في ذاته لهو الكسب ؛ وهو هو الذي يخسره الكافرون . و( أؤلئك هم الخاسرون ) . .
ثم قال تعالى : قل : { كَفَى بِاللَّهِ بَيْنِي وَبَيْنَكُمْ شَهِيدًا } {[22663]} أي : هو أعلم بما تفيضون فيه من التكذيب ، ويعلم ما أقول لكم من إخباري عنه ، بأنه أرسلني ، فلو كنت كاذبا عليه لانتقم مني ، كما قال تعالى : { وَلَوْ تَقَوَّلَ عَلَيْنَا بَعْضَ الأقَاوِيلِ . لأخَذْنَا مِنْهُ بِالْيَمِينِ . ثُمَّ لَقَطَعْنَا مِنْهُ الْوَتِينَ . فَمَا مِنْكُمْ مِنْ أَحَدٍ عَنْهُ حَاجِزِينَ } [ الحاقة : 44 - 47 ] ، وإنما أنا صادق عليه فيما أخبرتكم به ، ولهذا أيدني بالمعجزات الواضحات ، والدلائل القاطعات .
{ يَعْلَمُ مَا فِي السَّمَوَاتِ وَالأرْضِ } [ أي ]{[22664]} : لا تخفى عليه خافية .
{ وَالَّذِينَ آمَنُوا بِالْبَاطِلِ وَكَفَرُوا بِاللَّهِ أُولَئِكَ هُمُ الْخَاسِرُونَ } أي : يوم معادهم سيجزيهم على ما فعلوا ، ويقابلهم على ما صنعوا ، من تكذيبهم بالحق واتباعهم الباطل ، كذبوا برسل الله مع قيام الأدلة على صدقهم ، وآمنوا بالطواغيت والأوثان بلا دليل ، سيجازيهم على ذلك ، إنه حكيم عليم .
{ قل كفى بالله بيني وبينكم شهيدا } بصدقي وقد صدقني بالمعجزات ، أو بتبليغي ما أرسلت به إليكم ونصحي ومقابلتكم إياي بالتكذيب والتعنت . { يعلم ما في السماوات والأرض } فلا يخفى عليه حالي وحالكم . { والذين آمنوا بالباطل } وهو ما يعبد من دون الله . { وكفروا بالله } منكم . { أولئك هم الخاسرون } في صفقتهم حيث اشتروا الكفر بالأيمان .
ثم أمر تعالى نبيه بالإسناد إلى أمر الله تعالى وأن يجعله حسبه { شهيداً } وحاكماً بينه وبينهم بعلمه وتحصيله جميع أمورهم ، وقوله { بالباطل } ، يريد بالأصنام والأوثان وما يتبع أمرها من المعتقدات{[9267]} ، والباطل ، هو أن يفعل فعل يراد به أمر ما ، وذلك ألأمر لا يكون عن ذلك الفعل ، والأصنام أريد بأمرها الأكمل والأنجح في زعم عبادها وليس الأكمل والأنجح إلا رفضها فهي إذاً باطل ، وباقي الآية بين .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.