معالم التنزيل في تفسير القرآن الكريم للبغوي - البغوي [إخفاء]  
{أَرَءَيۡتَ ٱلَّذِي يَنۡهَىٰ} (9)

{ أرأيت الذي ينهى عبداً إذا صلى } نزلت في أبي جهل ، نهى النبي صلى الله عليه وسلم عن الصلاة .

أخبرنا إسماعيل بن عبد القاهر ، أنبأنا عبد الغافر بن محمد ، أنبأنا محمد بن عيسى الجلودي ، حدثنا إبراهيم بن محمد بن سفيان ، حدثنا مسلم بن الحجاج ، حدثنا عبد الله بن معاذ ومحمد بن عبد الأعلى القيسى ، قالا : حدثنا المعتمر ، عن أبيه ، حدثني نعيم بن أبي هند ، عن أبي حازم ، عن أبي هريرة قال : " قال أبو جهل : هل يعفر محمد وجهه بين أظهركم ؟ فقيل : نعم ، فقال : واللات والعزى لئن رأيته يفعل ذلك لأطأن على رقبته ، ولأعفرن وجهه في التراب ، قال : فأتى رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو يصلي ، عزم ليطأ على رقبته ، فما فجأهم منه إلا وهو ينكص على عقبيه ، ويتقي بيديه ، قال : فقيل له : ما لك يا أبا الحكم ؟ قال : إن بيني وبينه لخندقاً من نار ، وهولاً وأجنحةً . فقال رسول الله صلى عليه وسلم : لو دنا منى لاختطفته الملائكة عضواً عضواً ، قال : فأنزل الله -لا ندري في حديث أبي هريرة أو شيء بلغه- : { كلا إن الإنسان ليطغى * أن رآه استغنى * إن إلى ربك الرجعى * أرأيت الذي ينهى * عبدا إذا صلى } الآيات . ومعنى { أرأيت } ها هنا تعجيب للمخاطب .

 
في ظلال القرآن لسيد قطب - سيد قطب [إخفاء]  
{أَرَءَيۡتَ ٱلَّذِي يَنۡهَىٰ} (9)

ثم يمضي المقطع الثالث في السورة القصيرة يعرض صورة من صور الطغيان : صورة مستنكرة يعجب منها ، ويفظع وقوعها في أسلوب قرآني فريد .

( أرأيت الذي ينهى عبدا إذا صلى ? أرأيت إن كان على الهدى أو أمر بالتقوى ? أرأيت إن كذب وتولى ? ألم يعلم بأن الله يرى ? ) .

والتشنيع والتعجيب واضح في طريقة التعبير ، التي تتعذر مجاراتها في لغة الكتابة . ولا تؤدى إلا في أسلوب الخطاب الحي . الذي يعبر باللمسات المتقطعة في خفة وسرعة !

( أرأيت )? أرأيت هذا الأمر المستنكر ? أرأيته يقع ?( أرأيت الذي ينهى عبدا إذا صلى ? ) .

أرأيت حين تضم شناعة إلى شناعة ? وتضاف بشاعة إلى بشاعة ?

 
تفسير القرآن العظيم لابن كثير - ابن كثير [إخفاء]  
{أَرَءَيۡتَ ٱلَّذِي يَنۡهَىٰ} (9)

ثم قال تعالى : { أَرَأَيْتَ الَّذِي يَنْهَى عَبْدًا إِذَا صَلَّى } نزلت في أبي جهل ، لعنه الله ، توعد النبي صلى الله عليه وسلم على الصلاة عند البيت ، فوعظه الله تعالى بالتي هي أحسن أولا فقال : { أَرَأَيْتَ إِنْ كَانَ عَلَى الْهُدَى } أي : فما ظنك إن كان هذا الذي تنهاه على الطريق المستقيمة في فعله ، أو { أَمَرَ بِالتَّقْوَى } بقوله ، وأنت تزجره وتتوعده على صلاته ؛ ولهذا قال : { أَلَمْ يَعْلَمْ بِأَنَّ اللَّهَ يَرَى } أي : أما علم هذا الناهي لهذا المهتدي أن الله يراه ويسمع كلامه ، وسيجازيه على فعله أتم الجزاء .

 
جامع البيان عن تأويل آي القرآن للطبري - الطبري [إخفاء]  
{أَرَءَيۡتَ ٱلَّذِي يَنۡهَىٰ} (9)

القول في تأويل قوله تعالى : { أَرَأَيْتَ الّذِي يَنْهَىَ * عَبْداً إِذَا صَلّىَ } .

ذُكر أن هذه الاَية وما بعدها نزلت في أبي جهل بن هشام ، وذلك أنه قال فيما بلغنا : لئن رأيت محمدا يصلي ، لأطأنّ رقبته ، وكان فيما ذُكر قد نَهَى رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يصلي ، فقال الله لنبيه محمد صلى الله عليه وسلم : أرأيت يا محمد أبا جهل الذي يَنْهاك أن تصليَ عند المَقام ، وهو مُعرض عن الحقّ ، مكذّب به ، يُعجّب جلّ ثناؤه نبيه والمؤمنين من جهل أبي جهل ، وجراءته على ربه ، في نهيه محمدا عن الصلاة لربه ، وهو مع أياديه عنده مكذّب به . وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل . ذكر من قال ذلك :

حدثني محمد بن عمرو ، قال : حدثنا أبو عاصم ، قال : حدثنا عيسى ، وحدثني الحارث ، قال : حدثنا الحسن قال : حدثنا ورقاء ، جميعا عن ابن أبي نجيح ، عن مجاهد ، في قول الله : { أرأَيْتَ الّذِي يَنْهَى عَبْدا إذَا صَلّى } قال : أبو جهل ، يَنْهَى محمدا صلى الله عليه وسلم إذا صلى .

حدثنا بشر قال : حدثنا يزيد قال : حدثنا سعيد ، عن قتادة { أرأيْتَ الّذِي يَنْهَى عَبْدا إذَا صَلّى } نزلت في عدوّ الله أبي جهل ، وذلك لأنه قال : لئن رأيت محمدا يصلّي لأطأنْ على عنقه ، فأنزل الله ما تسمعون .

حدثنا ابن عبد الأعلى ، قال : حدثنا ابن ثور ، عن معمر ، عن قتادة ، في قول الله : { أرأَيْتَ الّذِي يَنْهَى عَبْدا إذَا صَلّى } قال : قال أبو جهل : لئن رأيت محمدا صلى الله عليه وسلم يصلّي ، لأطأنّ على عنقه ، قال : وكان يقال : «لكل أمة فرعون ، وفرعون هذه الأمة أبو جهل » .

حدثنا إسحاق بن شاهين الواسطيّ ، قال : حدثنا خالد بن عبد الله ، عن داود ، عن عكرِمة ، عن ابن عباس ، قال : كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يصلّي ، فجاءه أبو جهل ، فنهاه أن يُصَلّيَ ، فأنزل الله : { أرأَيْتَ الّذِي يَنْهَى عَبْدا إذَا صَلّى } . . . إلى قوله : { كاذِبَةٍ خاطِئَةٍ } .

 
المحرر الوجيز في تفسير الكتاب العزيز لابن عطية - ابن عطية [إخفاء]  
{أَرَءَيۡتَ ٱلَّذِي يَنۡهَىٰ} (9)

وقوله تعالى : { أرأيت } توقيف ، وهو فعل لا يتعدى إلى مفعولين على حد الرؤية من العلم بل يقتصر به ، وقوله تعالى : { ألم يعلم بأن الله يرى } إكمال للتوبيخ والوعيد بحسب التوقيفات الثلاث يصلح مع كل واحد منهما ، فجاء بها في نسق ، ثم جاء بالوعيد الكافي لجميعها اختصاراً واقتضاباً ، ومع كل تقرير من الثلاثة تكملة مقدرة تتسع العبارات فيها ، وقوله : { ألم يعلم } دال عليها مغن .