محاسن التأويل للقاسمي - القاسمي  
{أَرَءَيۡتَ ٱلَّذِي يَنۡهَىٰ} (9)

{ أرءيت الذي ينهى عبدا إذا صلى } أي يمنعه عن الصلاة ، وعبر بالنهي إشارة إلى عدم اقتداره على غير ذلك ، قال ابن عطية : لم يختلف المفسرون في أن الناهي أبو جهل ، والعبد المصلي النبي صلى الله عليه وسلم ، كما روي في الصحيحين ، ولفظ البخاري {[7517]} عن ابن عباس " قال أبو جهل : لئن رأيت محمدا يصلي عند الكعبة لأطأن على عنقه . فبلغ النبي صلى الله عليه وسلم فقال : لو فعله لأخذته الملائكة " . وفي الآية تقبيح وتشنيع لحال ذاك الكافر ، وتعجيب منها ، وإيذان بأنها من الشناعة والغرابة بحيث يجب أن يراها كل من يأتي منه الرؤية ، ويقضي منها العجب ، ولفظ ( العبد ) وتنكيره لتفخيمه عليه السلام ، واستعظام النهي وتأكيد التعجب منه ، قيل : إنه من إرخاء العنان في الكلام المنصف إذ قال { ينهى } ولم يقل ( يؤذي ) و { عبدا } دون ( نبيا ) ، والرؤية ههنا بصرية ، وفيما بعدها قلبية معناه أخبرني ، فإن الرؤية لما كانت سببا للإخبار عن المرئي أجرى الاستفهام عنها مجرى الاستخبار عن متعلقها ، قاله أبو السعود .

وقال الإمام : كلمة { أرأيت } صارت تستعمل في معنى ( أخبرني ) على أنها لا يقصد بها في مثل هذه الآية الاستخبار الحقيقي ولكن يقصد بها إنكار المستخبر عنها وتقبيحها ، فكأنه يقول : ما أسخف عقل هذا الذي يطغى به الكبر فينهى عبدا من عبيد الله عن صلاته خصوصا وهو في حالة أدائها .


[7517]:أخرجه في 65- كتاب التفسير 96- سورة اقرأ باسم ربك الذي خلق حديث رقم 2072.