فتح الرحمن في تفسير القرآن لتعيلب - تعيلب  
{أَرَءَيۡتَ ٱلَّذِي يَنۡهَىٰ} (9)

{ أرأيت الذي ينهى( 9 ) . عبدا إذا صلى( 10 ) . أرأيت إن كان على الهدى . ( 11 ) أو أمر بالتقوى . ( 12 ) أرأيت إن كذب وتولى . ( 13 ) ألم يعلم بأن الله يرى( 14 ) } تعجيب من هذا المتجبر الشقي المسرف في العتو والبغي ، الذي يمنع أن يٌذكر اسم الله ، ويريد أن يحول بين العبد ومولاه ! ! – والخطاب في الكل على ما اختاره جمع لكل من يصلح أن يكون مخاطبا ممن له مسكة . . . وتقييد النهي بالظرف يشعر بأن النهي عن الصلاة حال التلبس بها ، وفصل بين الجمل للاعتناء بالتشنيع والوعيد ، حيث أشعر أن كل جملة مقصودة على حيالها ، فشنع سبحانه على الناهي : أولا- بنهيه عن الصلاة ، وأوعد عليه مطلقا بقوله تعالى : { أرأيت الذي } الخ ؛ أي أخبرني يا من له أدنى تمييز أو أيها الإنسان عمن ينهى عن الصلاة بعض عباد الله تعالى ؛ ألم يعلم بأن الله تعالى يرى ويطلع فيجازيه على ذلك النهي ! !

وشنع سبحانه عليه ثانيا بنهيه عن ذلك . وأوعده عليه أيضا . على تقدير أنه على زعمه على هدى ورشد في نفس النهي ، أو أنه أمر بواسطته بالتقوى ، لأن النهي عن الشيء أمر بضده ، أو مستلزم له . . أي أخبرني عن ذلك الناهي ! ألم يعلم أن الله يطلع فيجازيه إن كان على هدى ورشد في نفس النهي ، أو كان آمرا بواسطته بالتقوى كما يزعم .

وشنع جل شأنه عليه ثالثا بذلك . . . أي أخبرني عن ذلك الناهي ؟ ألم يعلم بأن الله تعالى يطلع على أحواله إن كذب بحقيقة ما نهى عنه وأعرض عن فعله . . إدخال حرف الشرط في الأول لإرخاء العنان صورة ، والتهكم حقيقة ، إذ لا يكون في النهي عن عبادته تعالى ، والأمر بعبادة الأصنام هدى ألبتة ؛ وفي الثاني لذلك . والتهكم على عكس الأول ، إذ لا شك أنه مكذب متول-{[11872]} .


[11872]:- ما بين العارضتين من روح المعاني.