قوله : { أَرَأَيْتَ الَّذِي } : قد تقدَّم لك الكلامُ على هذا الحرفِ مُسْتوفى ، وللزمخشريِّ هنا كلامٌ رَأَيْتُ ذِكْرَه لخصوصيَّةٍ تَتَعلَّقُ به قال : " فإن قلتَ : ما متعلَّقُ " أَرَأَيْت " ؟ قلت : " الذي يَنْهى " مع الجملةِ الشرطيةِ وهما في موضعِ المفعولَيْنِ . فإن قلت : فأين جوابُ الشرط ؟ قلت : هو محذوفٌ تقديرُه : إنْ كان على الهُدى أو أمرَ بالتقوى ألم يعلَمْ بأنَّ اللَّهَ يرى ، وإنما حُذِفَ لدلالةِ ذِكْرِه في جوابِ الشرطِ الثاني . فإنْ قلتَ : كيف صََحَّ أَنْ يكونَ " ألم يعلَمْ " جواباً للشرِط ؟ قلت : كما صَحَّ في قولِك : إنْ أَكْرَمْتُك أتكرِمُني ، وإن أَحْسَنَ إليك زيدٌ هل تُحْسِنُ إليه ؟ فإنْ قلتَ : فما { أَرَأَيْتَ } الثانيةُ وتوسُّطُها بين مفعولَيْ " أَرَأَيْتَ " ؟ قلت : هي زائدةٌ مكررةٌ للتوكيد " ، قلت : وإذ قد تَعَرَّض للكلامِ في هذه الآية فَلْنَجْرِ معه : اعلَمْ أَنَّ " ارَأَيْتَ " – كما عَلِمْتَ – لا يكونُ مفعولُها الثاني إلاَّ جملةً استفهاميةً كقولِه : { أَرَأَيْتُمْ إِنْ أَتَاكُمْ عَذَابُهُ } [ يونس : 50 ] إلى آخرِها . ومثلُه كثيرٌ ، وهنا " أرَأَيْتَ " ثلاثَ مراتٍ ، وقد صَرَّحَ بعد الثالثةِ منها بجملةٍ استفهاميةٍ فتكونُ في موضعِ المفعولِ الثاني لها ، ومعفولُها الأولُ محذوفٌ ، وهو ضميرٌ يعودُ على " الذي يَنْهَى " الواقعِ مفعولاً أولَ ل " أَرَأَيْتَ " الأولى ، ومفعولُ " أَرَأيْتَ " الأولى الذي هو الثاني محذوفٌ ، وهو جملةٌ استفهاميةٌ ، كالجملةِ الواقعةِ بعد " أَرَأَيْتَ " الثالثةِ ، وأمَّا " أرأَيْتَ " الثانية فلم يُذْكَرْ لها مفعولٌ لا أولُ ولا ثانٍ ، حُذِف الأولُ لدلالة المفعولِ مِنْ " أَرَأَيْتَ " الأولى عليه ، وحُذف الثاني لدلالة مفعولِ " أَرَأَيْتَ " الثالثةِ عليه ، فقد حُذِف الثاني مِنْ الأولى ، والأولُ من الثالثةِ ، والاثنان مِنْ الثانيةِ . وليس طَلَبُ كلٍ مِنْ " أَرَأَيْتَ " للجملةِ الاسميةِ على سبيلِ التنازع ؛ لأنه يَسْتدعي إضماراً ، والجملُ لا تُضْمَرُ ، إنما تُضْمَرُ المفردات ، وإنما ذلك مِنْ بابِ الحَذْفِ للدلالةِ . وأمَّا الكلامُ على الشرطِ مع " أَرَأَيْتَ " هذه فقد عَرَفْتَه ممَّا في الأنعام فلا نُطيل الكلامَ بإعادتِه . وتجويزُ الزمخشريِّ وقوعَ جوابِ الشرط استفهاماً بنفسِه لا يجوزُ ، بل نَصُّوا على وجوبِ ذِكْرِ الفاءِ في مثله ، وإن وَرَدَ شيءٌ فهو ضرورةٌ .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.