في ظلال القرآن لسيد قطب - سيد قطب [إخفاء]  
{وَإِنَّ لَهُۥ عِندَنَا لَزُلۡفَىٰ وَحُسۡنَ مَـَٔابٖ} (40)

17

ثم زاد على هذا كله أن له عند ربه قربى في الدنيا وحسن مآب في الآخرة :

( وإن له عندنا لزلفى وحسن مآب ) . .

وتلك درجة عظيمة من الرعاية والرضى والإنعام والتكريم .

 
تفسير القرآن العظيم لابن كثير - ابن كثير [إخفاء]  
{وَإِنَّ لَهُۥ عِندَنَا لَزُلۡفَىٰ وَحُسۡنَ مَـَٔابٖ} (40)

ولهذا لما ذكر تبارك وتعالى ما أعطى سليمان في الدنيا نبه على أنه ذو حظ عظيم عند الله يوم القيامة أيضا ، فقال : { وَإِنَّ لَهُ عِنْدَنَا لَزُلْفَى وَحُسْنَ مَآبٍ } أي : في الدار الآخرة .

 
جامع البيان عن تأويل آي القرآن للطبري - الطبري [إخفاء]  
{وَإِنَّ لَهُۥ عِندَنَا لَزُلۡفَىٰ وَحُسۡنَ مَـَٔابٖ} (40)

وقوله : ( وَإنّ لَهُ عِنْدَنا لَزُلْفَى وَحُسْنَ مآبٍ ) يقول : وإن لسليمان عندنا لقُرْبةً بإنابته إلينا وتوبته وطاعته لنا ، وحُسْنَ مآب : يقول : وحسن مرجع ومصير في الاَخرة ، كما حدثنا بشر ، قال : حدثنا يزيد ، قال : حدثنا سعيد ، عن قتادة وَإنّ لَهُ عِنْدَنا لَزُلْفَى وَحُسْنَ مآبٍ : أي مصير .

إن قال لنا قائل : وما وجه رغبة سليمان إلى ربه في الملك ، وهو نبيّ من الأنبياء ، وإنما يرغب في الملك أهل الدنيا المؤثِرون لها على الاَخرة ؟ أم ما وجه مسألته إياه ، إذ سأله ذلك مُلكا لا ينبغي لأحد من بعده ، وما كان يضرّه أن يكون كلّ من بعده يُؤْتيَ مثلَ الذي أوتي من ذلك ؟ أكان به بخل بذلك ، فلم يكن من مُلكه ، يُعطي ذلك من يُعطاه ، أم حسد للناس ، كما ذُكر عن الحجاج بن يوسف فإنه ذكر أنه قرأ قوله : وَهَبْ لي مُلْكا لا يَنْبَغي لأَحَدٍ مِنْ بَعْدِي فقال : إن كان لحسودا ، فإن ذلك ليس من أخلاق الأنبياء قيل : أما رغبته إلى ربه فيما يرغب إليه من المُلك ، فلم تكن إن شاء الله به رغبةٌ في الدنيا ، ولكن إرادةٌ منه أن يعلم منزلته من الله في إجابته فيما رغب إليه فيه ، وقبوله توبته ، وإجابته دعاءَه .

وأما مسألته ربه مُلكا لا ينبغي لأحد من بعده ، فإنا قد ذكرنا فيما مضى قبلُ قولَ من قال : إن معنى ذلك : هب لي مُلكا لا أُسلبه كما سْلِبتُه قبل . وإنما معناه عند هؤلاء : هب لي مُلكا لا ينبغي لأحد من بعدي أن يَسلُبنيه . وقد يتجه ذلك أن يكون بمعنى : لا ينبغي لأحد سواي من أهل زماني ، فيكون حجة وعَلَما لي على نبوّتي وأني رسولك إليهم مبعوث ، إذ كانت الرسل لا بدّ لها من أعلام تفارق بها سائر الناس سواهم . ويتجه أيضا لأن يكون معناه : وهب لي مُلكا تَخُصّنِي به ، لا تعطيه أحدا غيري تشريفا منك لي بذلك ، وتكرمة ، لتبين منزلتي منك به من منازل من سواي ، وليس في وجه من هذه الوجوه مما ظنه الحجاج في معنى ذلك شيء .

 
الجامع التاريخي لبيان القرآن الكريم - مركز مبدع [إخفاء]  
{وَإِنَّ لَهُۥ عِندَنَا لَزُلۡفَىٰ وَحُسۡنَ مَـَٔابٖ} (40)

تفسير مقاتل بن سليمان 150 هـ :

ثم أخبر بمنزلة سليمان في الآخرة، فقال تعالى: {وإن له عندنا لزلفى} يعني لقربة.

{وحسن مآب} وحسن مرجع.

جامع البيان عن تأويل آي القرآن للطبري 310 هـ :

وقوله:"وَإنّ لَهُ عِنْدَنا لَزُلْفَى وَحُسْنَ مآبٍ" يقول: وإن لسليمان عندنا لقُرْبةً بإنابته إلينا وتوبته وطاعته لنا، "وحُسْنَ مآب": يقول: وحسن مرجع ومصير في الآخرة...

تأويلات أهل السنة للماتريدي 333 هـ :

هذا يدل على أن ما أعطاه من الملك لم يحطه عن مرتبته، ولم ينقص من قدره عند الله؛ لأنه إنما سأله الملك، لما ذكرنا من رغبته في نجاة الخلق بسرعة إجابتهم إياه إلى ما يدعوهم إليه لا رغبة منه في الدنيا ولذاتها وطلب العز فيها، ولكن لما ذكرنا {وإن له عندنا لزلفى} أي الأسباب التي تزلفه إلى الله، وتقربه من التوفيق والعصمة والمعونة على الطاعة، وذلك يكون في الدنيا، والأول يكون في الآخرة. وهذا من أعظم المنن واللطف حين أمنه من جميع أنواع التبعات، يغفر له بغير حساب، ويسيره بالزلفى وحسن الرجع...

نظم الدرر في تناسب الآيات و السور للبقاعي 885 هـ :

لما رفع الحرج عنه في الدارين، أثبت المزيد، فقال عاطفاً على ما تقديره: هذا له في الدنيا، مؤكداً زيادة في الطمأنية لكونه خارقاً لما حكم به من العادة: في أنه كل ما زاد عن الكفاف في الدنيا كان ناقصاً للحظ في الآخرة: {وإن له...} أي خاصاً به

{عندنا} أي في الآخرة {لزلفى} أي قربى عظيمة.

الأمثل في تفسير كتاب الله المنزل - لجنة تأليف بإشراف الشيرازي 2009 هـ :

عبارة (حسن مآب) التي تبشّره بحسن العاقبة والمنزلة الرفيعة عند الله، هي في نفس الوقت إشارة إلى زيف الادّعاءات المحرّفة التي نسبتها كتب التوراة إليه، والتي تدّعي أنّ سليمان انجرّ في نهاية الأمر إلى عبادة الأصنام إثر زواجه من امرأة تعبد الأصنام، وعمد إلى بناء معبد للأصنام، إلاّ أنّ القرآن الكريم ينفي ويدحض كلّ تلك البدع والخرافات...