{ وإن له عندنا لزلفى } أي لقربى في الدرجات ، { وحسن مئاب } أي مرجع في الآخرة .
روى الأثريون هاهنا قصصا مطولة ومختصرة ، مؤتلفة ومختلفة . قال ابن كثير : وكلها متلقاة من أهل الكتاب ، وفيهم طائفة لا يعتقدون نبوة سليمان عليه الصلاة والسلام . فالظاهر أنهم يكذبون عليه ولهذا كان في سياقها منكرات . وتقوية ابن حجر لبعض منها بأنه خرجه النسائيّ بإسناد قوي- لا عبرة له . فليس المقام قاصرا على صحة السند فحسب ، لو كان ذلك في ( الصحيحين ) ، فأنّى بمرويّ غيرهما ؟ ؟
وذكر الرازي أن القصص المروية هنا هي لأهل الحشو من تأويلهم . وأما أهل التحقيق فلهم تأويلات ، وقد ساقها فانظرها .
وقال الإمام ابن حزم : معنى قوله تعالى : { فتنا سليمان } أي آتيناه من الملك ما اختبرنا به طاعته ، كما قال تعالى مصدقا لموسى عليه السلام في قوله : { إن هي إلا فتنتك تضل بها من / تشاء وتهدي من تشاء } إذ من الفتنة ما يهدي الله بها من يشاء وقال تعالى : { آلم * أحسب الناس أن يتركوا أن يقولوا آمنا وهم لا يفتنون* ولقد فتنا الذين من قبلهم فليعلمن الله الذين صدقوا وليعلمن الكاذبين } فهذه الفتنة هي الاختبار حتى يظهر المهتدي من الضال ، فهذه فتنة الله تعالى لسليمان إنما هي اختباره حتى ظهر فضله فقط . وما عدا هذا فخرافات ولّدها زنادقة اليهود وأشباههم . وأما الجسد الملقى على كرسيه فقد أصاب الله تعالى به ما أراد . نؤمن بهذا كما هو ، ونقول : ( صدق الله عز وجل ، كل من عند الله ربنا ) ولو جاء نص صحيح في القرآن أو عن رسول الله صلى الله عليه وسلم بتفسير هذا الجسد ما هو ، لقلنا به ، فإذا لم يأت بتفسيره ما هو نص ولا خبر صحيح ، فلا يحل لأحد القول بالظن الذي هو أكذب الحديث في ذلك ، فيكون كاذبا على الله عز وجل ، إلا أننا لا نشك البتة في بطلان قول من قال إنه كان جنيا تصور بصورته ، بل نقطع على أنه كذب . والله تعالى لا يهتك ستر رسوله صلى الله عليه وسلم هذا الهتك ، وكذلك نبعد في قول من قال إنه كان ولدا له ، أرسله إلى السحاب ليربيه . فسليمان عليه السلام كان أعلم من أن يربي ابنه بغير ما طبع الله عز وجل بنية البشر عليه من اللبن والطعام . وهذه كلها خرافات موضوعة مكذوبة ، لم يصح إسنادها قط . انتهى .
وزعم القشانيّ أن حكاية الجني والخاتم مع سليمان ، هي من موضوعات حكماء اليهود ، كسائر ما وضعت الحكماء في تمثيلاتهم من حكايات إبسال وسلامان .
ثم أخذ القشانيّ في تأويلها ، إلا أنه حل الإشكال بإشكال أعظم منه ، عفا الله عنه ، وقال قبل : إن صحت الحكاية في مطابقتها للواقع ، كان قد ابتلي بمثل ما ابتلي به ذو النون وآدم عليهما السلام ، انتهى والله أعلم .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.