معالم التنزيل في تفسير القرآن الكريم للبغوي - البغوي [إخفاء]  
{تَلۡفَحُ وُجُوهَهُمُ ٱلنَّارُ وَهُمۡ فِيهَا كَٰلِحُونَ} (104)

قوله :{ تلفح وجوههم النار } . أي : تسفع ، وقيل : تحرق ، { وهم فيها كالحون } عابسون .

أخبرنا أبو بكر محمد بن عبد الله بن أبي توبة ، أنبأنا محمد بن أحمد الحارثي ، أنبأنا محمد بن يعقوب الكسائي ، أنبأنا عبد الله بن محمود ، أنبأنا إبراهيم بن عبد الله الخلال ، أنبأنا عبد الله بن المبارك ، عن سعيد بن يزيد ، عن أبي السمح ، عن أبي الهيثم ، عن أبي سعيد الخدري عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : ( وهم فيها كالحون ) قال : تشويه النار ، فتقلص شفته العليا حتى تبلغ وسط رأسه ، وتسترخي شفته السفلى حتى تضرب سرته " . وبهذا الإسناد عن عبد الله بن المبارك عن حاجب ابن عمر عن الحكم عن الأعرج عن أبي هريرة قال : " يعظم الكافر في النار مسيرة سبع ليال ، فيصير ضرسه مثل أحد ، وشفاههم عند سررهم ، سود زرق مقبوحون " .

 
تيسير الكريم المنان في تفسير القرآن لابن سعدي - ابن سعدي [إخفاء]  
{تَلۡفَحُ وُجُوهَهُمُ ٱلنَّارُ وَهُمۡ فِيهَا كَٰلِحُونَ} (104)

ثم ذكر تعالى ، سوء مصير الكافرين فقال : { تَلْفَحُ وُجُوهَهُمُ النَّارُ } أي : تغشاهم من جميع جوانبهم ، حتى تصيب أعضاءهم الشريفة ، ويتقطع لهبها عن وجوههم ، { وَهُمْ فِيهَا كَالِحُونَ } قد عبست وجوههم ، وقلصت شفاههم ، من شدة ما هم فيه ، وعظيم ما يلقونه .

 
المحرر الوجيز في تفسير الكتاب العزيز لابن عطية - ابن عطية [إخفاء]  
{تَلۡفَحُ وُجُوهَهُمُ ٱلنَّارُ وَهُمۡ فِيهَا كَٰلِحُونَ} (104)

و «لفح النار » إصابتها بالوهج والإحراق ، وقرأ أبو حيوة «كلحون » بغير ألف ، والكلوح : انكشاف الشفتين عن الأسنان ، وهذا يعتري الإنسان عن المباطشة مع الغضب ، ويعتري الرؤوس عند النار ، وقد شبه عبد الله بن مسعود في هذه الآية مما يعتري رؤوس الكباش إذا شيطت بالنار فإنها تكلح{[8549]} ومعه كلوح الكلب والأسد ويستعار للزمن والخطوب .


[8549]:أخرج الإمام أحمد، وعبد بن حميد، والترمذي وصححه، وابن أبي الدنيا في صفة النار، وأبو يعلى، وابن المنذر، وابن أبي حاتم، والحاكم وصححه، وابن مردويه، وأبو نعيم في الحلية، عن أبي سعيد الخدري، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم في قوله: {تلفح وجوههم النار وهم فيها كالحون} قال: تشويه النار فتقلص شفته العليا حتى تبلغ وسط رأسه، وتسترخي شفته السفلى حتى تضرب سرته).
 
التحرير والتنوير لابن عاشور - ابن عاشور [إخفاء]  
{تَلۡفَحُ وُجُوهَهُمُ ٱلنَّارُ وَهُمۡ فِيهَا كَٰلِحُونَ} (104)

جملة { تلفح وجوههم النار } في موضع الحال من { الذين خسروا أنفسهم } . ومعنى { تلفح وجوههم النار } تحرق . واللفح : شدة إصابة النار .

والكالح : الذي به الكلوح وهو تقلص الشفتين وظهور الأسنان من أثر تقطب أعصاب الوجه عند شدة الألم .

 
الجامع التاريخي لبيان القرآن الكريم - مركز مبدع [إخفاء]  
{تَلۡفَحُ وُجُوهَهُمُ ٱلنَّارُ وَهُمۡ فِيهَا كَٰلِحُونَ} (104)

جامع البيان عن تأويل آي القرآن للطبري 310 هـ :

وقوله:"تَلْفَحُ وُجُوهَهُمُ النّارَ" يقول: تَسْفَع وجوهَهم النار... قال ابن عباس: "تَلْفَحُ وُجُوهَهُمُ النّارُ "قال: تنفَح.

"وَهُمْ فِيها كالحُونَ"، والكُلوح: أن تتقلّص الشفتان عن الأسنان حتى تبدو الأسنان...

فتأويل الكلام: يَسْفَع وجوههم لهب النار فتُحْرقها، وهم فيها متقلصو الشفاه عن الأسنان من إحراق النار وجوههم...

عن ابن عباس، في قوله: "وَهُمْ فِيها كالِحُونَ" يقول: عابسون...

قال ابن زيد، في قوله: وَهُمْ فِيها كالِحُونَ قال: ألم تر إلى الغنم إذا مست النار وجوهها كيف هي؟.

تأويلات أهل السنة للماتريدي 333 هـ :

{تلفح وجوههم النار وهم فيها كالحون} قال بعضهم: تلفحهم النار لفحة، فلا تدع لحما على عظم إلا ألقته... وقال بعضهم: {تلفح}: تشوي وتحرق، وذلك عادة النار أنها تعمل كل هذا العمل.

التبيان في تفسير القرآن للطوسي 460 هـ :

يقال: لفح ونفح بمعنى واحد، غير أن اللفح أعظم من النفح واشد تأثيرا، وهو ضرب من السموم للوجه، والنفح ضرب الريح للوجه.

المحرر الوجيز في تفسير الكتاب العزيز لابن عطية 542 هـ :

والكلوح: انكشاف الشفتين عن الأسنان، وهذا يعتري الإنسان عند المباطشة مع الغضب، ويعتري الرؤوس عند النار، وقد شبه عبد الله بن مسعود في هذه الآية مما يعتري رؤوس الكباش إذا شيطت بالنار، فإنها تكلح، ومعه كلوح الكلب والأسد، ويستعار للزمن والخطوب.

البحر المحيط لأبي حيان الأندلسي 745 هـ :

وخص الوجه باللفح لأنه أشرف ما في الإنسان، والإنسان أحفظ له من الآفات من غيره من الأعضاء، فإذا لفح الأشرف فما دونه ملفوح.

في ظلال القرآن لسيد قطب 1387 هـ :

ومشهد لفح النار للوجوه حتى تكلح، وتشوه هيئتها، ويكدر لونها.. مشهد مؤذ أليم...

وهؤلاء الذين خفت موازينهم خسروا كل شيء. فقد خسروا أنفسهم. وحين يخسر الإنسان نفسه فماذا يملك إذن؟ وما الذي يتبقى له؟ وقد خسر نفسه التي بين جنبيه، وخسر ذاته التي تميزه، فكأنما لم يكن له وجود.

زهرة التفاسير - محمد أبو زهرة 1394 هـ :

هذه أوصاف جهنم أو ما يصيب الذين ينزلون فيها ويخلدون، ولفح: معناها أصابتهم بحرّها وسمومها، فأجسامهم حطبها، ووجوههم تصاب بحرها وسمومها... فهم في عذاب دائم مستمر لا يسلم منه جزء من أجسامهم.

التيسير في أحاديث التفسير للمكي الناصري 1415 هـ :

إشارة إلى بوادر التعذيب التي يتعرضون لها، وتسلط على وجوههم بالخصوص، لما كان يبدو على أسارير وجوههم من أنفة وكبر عن الاعتراف بالحق، وما كان ينبعث منها من تأثير سحري على ضعاف الخلق، فتبدو وجوههم بفعل النار في غاية التشويه والبشاعة، ولا سيما شفاههم التي كانوا يسخرونها للنيل من رسل الله وأنبيائه، ووصفهم بكل شناعة،...

وقد وردت عدة آيات تؤكد معنى هذه الآية، منها قوله تعالى في سورة الكهف: {وإن يستغيثوا يغاثوا بماء كالمهل يشوي الوجوه} [الآية: 29].

تفسير الشعراوي 1419 هـ :

بعد ذلك يخاطبهم الحق سبحانه خطابا يلقي اللوم عليهم ويحملهم مسئولية ما وصلوا إليه، فلم يعذبهم ربهم ابتداء، إنما عذبهم بعد أن أنذرهم، وأرسل إليهم رسولا يحمل منهاجا يبين ثواب الطائع وعقاب العاصي، ونبههم إلى كل شيء، ومع ذلك عصوا وكذبوا، ولم يستأنفوا عملا جديدا على وفق ما أمر الله. إذن: فهم المقصرون..

الأمثل في تفسير كتاب الله المنزل - لجنة تأليف بإشراف الشيرازي 2009 هـ :

ألسنة النّار ولهيبها المحرق تضرب وجوههم كضرب السيف (وهم فيها كالحون) وهم من شدّة الألم وعذاب النّار، في عبوس واكفهرار...

تناسب العقاب مع الذنب... كلّ ذلك عقاب للذين خفّت موازينهم وانعدم إيمانهم. ومع التوجّه لهذا المعنى، وهو أنّ هؤلاء كانوا يعبّسون حين سماع الآيات الإلهيّة وأحياناً يسخرون بها. ويجلسون يتحدّثون باستهزاء وتهكّم، فإنّ هذا العذاب يناسب أعمالهم هذه.