اللباب في علوم الكتاب لابن عادل - ابن عادل  
{تَلۡفَحُ وُجُوهَهُمُ ٱلنَّارُ وَهُمۡ فِيهَا كَٰلِحُونَ} (104)

قوله : «تَلْفَحُ » يجوز استئنافه ، ويجوز حَالِيته ، ويجوز كونه خبراً ل «أُولَئِك » . واللَّفْحُ إصابة النار الشيء بِوَهجها وإحراقها له ، وهو أشدُّ من النفح{[33423]} ، وقد تقدّم النفح{[33424]} في الأنبياء{[33425]} . قوله : { وَهُمْ فِيهَا كَالِحُونَ } الكُلُوح تشمير الشفة العليا ، واسترخاء السفلى{[33426]} .

قال عليه السلام{[33427]} في قوله : { وَهُمْ فِيهَا كَالِحُونَ } قال : «تَشْويه النَّارُ فَتَقْلِصُ شَفَتُه العُلْيَا حَتّى تَبْلغ وَسَطَ رَأْسِه ، وتَسْترخِي شَفَتُهُ السُفْلَى حَتّى تَبْلغَ سُرَّتَهُ »{[33428]} . وقال أبو هريرة : يعظم الكافر في النار مسيرة سبع ليال ضرسه مثل أحد ، وشفاههم عند سررهم سود زرق خنق مقبوحون{[33429]} . ومنه كُلُوح الأسد أي : تكشيره عن أنيابه ، ودهرٌ كالح ( وبرد كالح ) {[33430]} أي : شديد وقيل الكُلُوح : تقطيب الوجه وتسوره ، وكَلَحَ الرجلُ يَكْلَحُ كُلُوحاً ( وكُلاَحاً ) {[33431]} {[33432]} .


[33423]:في النسختين: النفخ. والصواب ما أثبته. قال الزجاج: (يفلح وينفح في معنى واحد إلا أن اللفح أعظم تأثيرا) معاني القرآن وإعرابه 4/23.
[33424]:في النسختين: النفخ. والصواب ما أثبته.
[33425]:عند قوله تعالى: {ولئن مستهم نفحة من عذاب ربك ليقولن يا ويلنا إنا كنا ظالمين} [الأنبياء: 46].
[33426]:قال الزجاج: (والكالح الذي قد تشمرت شفته عن أسنانه، نحو ما ترى من رؤوس الغنم إذا مستها النار، فبرزت الأسنان وتشمرت الشفاه) معاني القرآن وإعرابه 4/23.
[33427]:في ب: عليه الصلاة والسلام.
[33428]:أخرجه الترمذي (جهنم) 4/109، (التفسير) 5/10، أحمد 3/77. وذكره السيوطي في الدر المنثور 5/16.
[33429]:انظر البغوي 6/43.
[33430]:ما بين القوسين سقط من ب.
[33431]:انظر اللسان (كلح).
[33432]:ما بين القوسين سقط من ب.