معالم التنزيل في تفسير القرآن الكريم للبغوي - البغوي [إخفاء]  
{وَلَا ٱلظِّلُّ وَلَا ٱلۡحَرُورُ} (21)

قوله تعالى : { ولا الظل ولا الحرور } يعني : الجنة والنار ، قال ابن عباس : الحرور : الريح الحارة بالليل ، والسموم بالنهار . وقيل : الحرور يكون بالنهار مع الشمس .

   
أنوار التنزيل وأسرار التأويل للبيضاوي - البيضاوي [إخفاء]  
{وَلَا ٱلظِّلُّ وَلَا ٱلۡحَرُورُ} (21)

{ ولا الظل ولا الحرور } ولا الثواب ولا العقاب ، ولا لتأكيد نفي الاستواء وتكريرها على الشقين لمزيد التأكيد . و{ الحرور } فعول من الحر غلب على السموم . وقيل السموم ما يهب نهارا والحرور ما تهب ليلا .

 
التحرير والتنوير لابن عاشور - ابن عاشور [إخفاء]  
{وَلَا ٱلظِّلُّ وَلَا ٱلۡحَرُورُ} (21)

وضُرِب الظِلّ مَثَلاً لأثر الإِيمان ، وضدُّه وهو الحرور مثلاً لأثر الكفر ؛ فالظل مكان نعيم في عرف السامعين الأولين ، وهم العرب أهل البلاد الحارة التي تتطلب الظل للنعيم غالباً إلا في بعض فصل الشتاء ، وقوبل بالحَرور لأنه مُؤْلِم ومعذّب في عرفهم كما علمت ، وفي مقابلته بالحرور إيذان بأن المراد تشبيهه بالظل في حالة استطابته .

و{ الحرور } حر الشمس ، ويطلق أيضاً على الريح الحارة وهي السموم ، أو الحَرور : الريح الحارة التي تهب بليل والسموم تهب بالنهار .

وقدم في هذه الفقرة ما هو من حال المؤمنين على عكس الفقرات الثلاث التي قبلها لأجل الرعاية على الفاصلة بكلمة { الحرور } .

وفواصل القرآن من متممات فصاحته ، فلها حظ من الإِعجاز .

فحال المؤمن يشبه حال الظل تطمئن فيه المشاعر ، وتصدر فيه الأعمال عن تبصر وتريّث وإتقان . وحال الكافر يشبه الحَرور تضطرب فيه النفوس ولا تتمكن معه العقول من التأمل والتبصر وتصدر فيها الآراء والمساعي معجَّلة متفككة .

وأعلم أن تركيب الآية عجيب فقد احتوت على واوات عطْف وأدوات نفي ؛ فكلّ من الواوين اللذين في قوله : { ولا الظلمات } الخ ، وقوله : { الظل } الخ عاطف جملة على جملة وعاطف تشبيهات ثلاثة بل تشبيه منها يجمع الفريقين . والتقدير : ولا تستوي الظلمات والنور ولا يستوي الظِّل والحرور ، وقد صرح بالمقدر أخيراً في قوله : { وما يستوي الأحياء ولا الأموات } .

وأما الواوات الثلاثة في قوله : { والبصير } { ولا النور } { ولا الحرور } فكل واو عاطف مفرداً على مفرد ، فهي ستة تشبيهات موزعة على كل فريق ؛ ف { البصير } عطف على { الأعمى } ، و { النور } عطف على { الظلمات } ، و { الحرور } عطف على { الظل } ، ولذلك أعيد حرف النفي .

وأما أدوات النفي فاثنان منها مؤكدان للتغلب الموجه إلى الجملتين المعطوفتين المحذوف فعلاهما { ولا الظلمات ولا الظل } ، واثنان مؤكدان لتوجه النفي إلى المفردين المعطوفين على مفردين في سياق نفي التسوية بينهما وبين ما عطفا عليهما وهما واو { ولا النور } ، وواو { ولا الحرور } ، والتوكيد بعضه بالمثل وهو حرف { لا } وبعضه بالمرادف وهو حرف { ما } ولم يؤت بأداة نفي في نفي الاستواء الأول لأنه الذي ابتدىء به نفي الاستواء المؤكد من بعد فهو كله تأييس . وهو استعمال قرآني بديع في عطف المنفيات من المفردات والجمل ، ومنه قوله تعالى : { لا تستوي الحسنة ولا السيئة } في سورة فصّلت ( 34 ) .