الهداية إلى بلوغ النهاية لمكي بن ابي طالب - مكي ابن أبي طالب  
{وَلَا ٱلظِّلُّ وَلَا ٱلۡحَرُورُ} (21)

{ ولا الظل ولا الحرور } أي : الجنة والنار .

قال الأخفش : لا زائدة في " ولا النور " " ولا الحرور " {[56172]} .

وقيل إن " لا " لها فائدة في دخولها مع الواو خلاف خروجها وذلك أنها تدل على أن كل واحد من الاثنين لا يتساويان فإذا قلت لا يستوي الأعمى ولا البصير ، فمعناه لا يساوي الأعمى البصير ولا البصير الأعمى .

وإذا قلت [ لا يستوي الاعمى البصير ، فمعناه لا يساوي الأعمى البصير ] {[56173]} .

وليس فيه دلالة على أن البصير لا يساوي الأعمى ، وهذا القول فيه دخل {[56174]} .

لأن من لم تساوه لم يساوك ، فدخول لا مثل خروجها .

قيل : معنى الآية : لا يستوي الأعمى عن دين الله الكافر به ، والبصير في دين الله المتبع له ، ولا ظلمات الكفر ونور الإسلام {[56175]} .

وقال ابن عباس : الظل الجنة ، والحرور : النار ، والظلمات : الضلالة ، والنور : الهدى ، وقيل : الظل ضد الحر والحرور الحر الدائم ، والسموم لا يكون إلا بالنهار ، والحر بالنهار والليل ، هذا قول الفراء {[56176]} .

وقال رؤبة {[56177]} : الحرور بالليل والسموم بالنهار {[56178]} .


[56172]:انظر: معاني الأخفش 2/665، وإعراب النحاس 3/369 والجامع للقرطبي 14/339، وقد علل الأخفش ذلك بقوله: "فيشبه أن تكون (لا) زائدة " لأنك لو قلت لا يستوي عمرو ولا زيد في هذا المعنى لم يكن إلا أن تكون (لا) زائدة، وقد وافق العكبري الأخفش في قوله انظر: التبيان 2/1074
[56173]:ما بين المعقوقين مثبت في طرة أ
[56174]:الدخل: ما دخل الإنسان من فساد في عقل أو جسم، وقد دخل دخلا ودخل دخلا فهو مدخول، أي في عقله دخل... والدخل: العيب والغش والفساد. انظر: اللسان مادة "دخل" 11/241
[56175]:انظر: هذا القول بمعناه في معاني الزجاج 4/267
[56176]:انظر: جامع البيان 22/128 والمحرر الوجيز 13/166
[56177]:هو رؤبة بن عبد الله بن العجاج بن رؤبة التميمي السعدي أبو الشعثاء راجز من الفصحاء المشهورين من مخضرمي الدولتين الأموية والعباسية، كان أكثر مقامه البصرة، وأخذ عنه أعيانها وكانوا يحتجون بشعره ويقولون بإمامته في اللغة توفي سنة 145هـ انظر: المؤتلف والمختلف 121، والأغاني 20/345 والشعر والشعراء 2/575 ، 108 ووفيات الأعيان 2/303، 238 وخزانة الأدب 1/89
[56178]:انظر: مجاز أبي عبيدة 2/154 وجامع البيان 22/128 والمحرر الوجيز 13/167، وفتح القدير 4/346 وفي صحيح البخاري: كتاب التفسير سورة الملائكة 6/29 نسبة هذا القول إلى ابن عباس.