اللباب في علوم الكتاب لابن عادل - ابن عادل  
{وَلَا ٱلظِّلُّ وَلَا ٱلۡحَرُورُ} (21)

«والْحَرُورُ » شدة حر الشمس{[45227]} وقال الزمخشري : الحرور السَّمُوم إلا أنّ السًّمُومَ بالنهار والحرور فيه وفي الليل{[45228]} قال شهاب الدِّين : وهذا{[45229]} مذهب الفراء{[45230]} وغيره . وقيل السموم بالنهار والحرور بالليل خاصة . نقله ابن عطية عن{[45231]} رؤبة . وقال : ليس بصحيح بل الصحيح ما قاله الفراء . وهذا عجيب منه كيف يرد على أصحاب اللِّسان بقول من يأخذ عنهم{[45232]} ؟ وقرأ الكسائي - في رواية زَاذَانَ{[45233]} - عنه «وَمَا تَسْتَوِي الأَحْيَاْءُ » بالتأنيث على معنى الجماعة . وهذه الأشياء جيء بها على سَبيل الاستعارة والتمثيل فالأعمى والبصير الكافر والمؤمن والظلمات والنور الكفر والإيمان والظَّلُّ والحَرُورُ الحقُّ والباطل والأحياء والأموات لمن دخل في الإسلام ولمن لم يدخل فيه . وجاء ترتيب هذه المَنْفِيَّات{[45234]} على أحسن الوجوه فإنه تعالى لما ضرب الأعمى والبصيرمثلين للكافر والمؤمن عقبه بما كل منهما فيه فالكافر في ظلمة والمؤمن في نور لأن البصير وإن كان حديد النظر لا بدّ له من ضوء يبصر فيه وقدم الأعمى ؛ لأن البصير فاصلة فحسن تأخيره ولما تقدم الأعمى في الذكر ناسب تقديم{[45235]} ما هو فيه فلذلك قدمت الظلمة على النور ولأن النور فاصل .

ثم ذكر ما لكلّ منهما فللمؤمن الظل وللكافر الحرور ، وأخّر الحرور لأجل الفاصلة كما تقدم

وقولنا : لأجل الفاصلة هنا وفي غيره من الأماكن أحسن من قيل بعضهم لأجل السجع لأن القرآن يُنَزّه عن ذلك . وقد منع الجمهور أن يقال في القرآن سجع{[45227]} ،

/خ22


[45227]:قال في الغريب: ((هذا المثل للجنة والنار)) انظر: الغريب 361 .
[45228]:قاله في الكشاف 3/306 .
[45229]:الدر المصون 4/474 .
[45230]:لم أجدها في معانيه ونقلها عنه القرطبي في الجامع 14/339 والسمين في الدر 4/474 .
[45231]:نقله أبو حيان في البحر 7/309 كما نقله أبو عبيدة في المجاز 2/154 عنه .
[45232]:البحر المحيط السابق .
[45233]:هو إبراهيم بن زادان روى عن علي بن حمزة الكسائي. انظر ترجمته في غاية النهاية 1/14 وانظر القراءة في البحر المحيط 7/308 ومختصر ابن خالويه 123 والدر المصون 4/475.
[45234]:في ((ب)) المنقبات . تحريف .
[45235]:في ((ب)) تقدم .