معالم التنزيل في تفسير القرآن الكريم للبغوي - البغوي [إخفاء]  
{حِكۡمَةُۢ بَٰلِغَةٞۖ فَمَا تُغۡنِ ٱلنُّذُرُ} (5)

قوله تعالى : { حكمة بالغة } يعني : القرآن حكمة تامة قد بلغت الغاية في الزجر { فما تغني النذر } يجوز أن تكون " ما " نفياً ، على معنى : فليست تغني النذر ، ويجوز أن يكون استفهاماً ، والمعنى : فأي شيء تغني النذر إذا خالفوهم وكذبوهم ؟ كقوله : { وما تغني الآيات والنذر عن قوم لا يؤمنون }( يونس-101 ) والنذر : جمع نذير .

 
تيسير الكريم المنان في تفسير القرآن لابن سعدي - ابن سعدي [إخفاء]  
{حِكۡمَةُۢ بَٰلِغَةٞۖ فَمَا تُغۡنِ ٱلنُّذُرُ} (5)

وذلك { حِكْمَةٌ } منه تعالى { بَالِغَةٌ } أي : لتقوم حجته على المخالفين{[926]}  ولا يبقى لأحد على الله حجة بعد الرسل ، { فَمَا تُغْنِ النُّذُرُ } كقوله تعالى : { وَلَوْ جَاءَتْهُمْ كُلُّ آيَةٍ لا يؤمنوا حَتَّى يَرَوُا الْعَذَابَ الْأَلِيمَ }


[926]:- في ب: العالمين.
 
تفسير القرآن العظيم لابن كثير - ابن كثير [إخفاء]  
{حِكۡمَةُۢ بَٰلِغَةٞۖ فَمَا تُغۡنِ ٱلنُّذُرُ} (5)

وقوله : { حِكْمَةٌ بَالِغَةٌ } أي : في هدايته تعالى لمن هداه وإضلاله لمن أضله ، { فَمَا تُغْنِ النُّذُرُ } يعني {[27771]} : أي شيء تغني النذر عمن كتب الله عليه الشقاوة ، وختم على قلبه ؟ فمن الذي يهديه من بعد الله ؟ وهذه الآية كقوله تعالى : { قُلْ فَلِلَّهِ الْحُجَّةُ الْبَالِغَةُ فَلَوْ شَاءَ لَهَدَاكُمْ أَجْمَعِينَ } [ الأنعام : 149 ] ، وكذا قوله تعالى : { وَمَا تُغْنِي {[27772]} الآيَاتُ وَالنُّذُرُ عَنْ قَوْمٍ لا يُؤْمِنُونَ } [ يونس : 101 ] .


[27771]:- (5) في م، أ: "بمعنى".
[27772]:- (6) في م، أ: "فما تغني".
 
المحرر الوجيز في تفسير الكتاب العزيز لابن عطية - ابن عطية [إخفاء]  
{حِكۡمَةُۢ بَٰلِغَةٞۖ فَمَا تُغۡنِ ٱلنُّذُرُ} (5)

وقوله : { حكمة } مرتفع إما على البدل من { ما } في قوله : { ما فيه } ، وإما على خبر ابتداء تقديره : هذه حكمة و : { بالغة } معناه : يبلغ المقصد بها من وعظ النفوس والبيان لمن له عقل . وقوله : { فما تغني النذر } ، يحتمل أن تكون { ما } نافية ، أي ليس تغني مع عتو هؤلاء الناس ، ويحتمل أن تكون { ما } استفهاماً بمعنى التقرير ، أي فما غناء النذر مع هؤلاء الكفرة .

 
التحرير والتنوير لابن عاشور - ابن عاشور [إخفاء]  
{حِكۡمَةُۢ بَٰلِغَةٞۖ فَمَا تُغۡنِ ٱلنُّذُرُ} (5)

و { حكمة بالغة } بدل من { مَا } ، أي جاءهم حكمةٌ بالغة .

والحكمة : إتقان الفهم وإصابة العقل . والمراد هنا الكلام الذي تضمن الحكمة ويفيد سامعه حكمة ، فوصْفُ الكلام بالحكمة مجاز عقلي كثير الاستعمال ، وتقدم في سورة البقرة ( 269 ) ، { ومن يؤت الحكمة فقد أوتي خيراً كثيراً } والبالغة : الواصلة ، أي واصلة إلى المقصود مفيدة لصاحبها .

وفرع عليه قوله : { فما تغن النذر } ، أي جاءهم ما فيه مزدجر فلم يُغن ذلك ، أي لم يحصل فيه الإقلاع عن ضلالهم .

و { ما } تحتمل النفي ، أي لا تغني عنهم النذر بعد ذلك . وهذا تمهيد لقوله : { فتول عنهم } [ القمر : 6 ] ، فالمضارع للحال والاستقبال ، أي ما هي مغنية ، ويفيد بالفحوى أن تلك الأنباء لم تغن عنهم فيما مضى بطريق الأحرى ، لأنه إذا كان ما جاءهم من الأنباء لا يغني عنهم من الانزجار شيئاً في الحال والاستقبال فهو لم يغن عنهم فيما مضى إذ لو أغنى عنهم لارتفع اللوم عليهم .

ويحتمل أن تكون { مَا } استفهامية للإِنكار ، أي ماذا تفيد النذر في أمثالهم المكابرين المصرين ، أي لا غناء لهم في تلك الأنباء ، ف { ما } على هذا في محل نصب على المفعول المطلق ل { تغن } ، وحذف ما أضيفت إليه { ما } . والتقدير : فأي غناء تغني النذر وهو المخبر بما يسوء ، فإن الأنباء تتضمن إرسال الرسل من الله منذرين لقومهم فما أغنوهم ولم ينتفعوا بهم ولأن الأنباء فيها الموعظة والتحذير من مثل صنيعهم فيكون المراد ب { النذر } آيات القرآن ، جعلت كل آية كالنذير : وجمعت على نُذُر ، ويجوز أن يكون جمع نذير بمعنى الإِنذار اسم مصدر ، وتقدم عند قوله تعالى : { هذا نذير من النذر الأولى } في آخر سورة النجم ( 56 ) .