محاسن التأويل للقاسمي - القاسمي  
{حِكۡمَةُۢ بَٰلِغَةٞۖ فَمَا تُغۡنِ ٱلنُّذُرُ} (5)

{ حكمة بالغة } أي بلغت غايتها من الإحكام والتنزه عن الخلل ، ومن الاشتمال على البراهين القاطعة والحجج الساطعة . وهو بدل من ( ما ) أو خبر محذوف ، أي هو حكمة بالغة { فما تغن النذر } جمع نذير . و( ما ) نافية ، أو استفهامية . أي : أيّ غناء تغني عن قوم آثروا الضلالة على الهدى ، فأعرضوا عنه ، وكذبوا به . وجوز أن تكون { حكمة بالغة } جملة مستأنفة للتعجب من حالهم ، مع ما جاءهم مما يقود إلى الإيمان بادئ بدء . وهو ما يفهم من تأويل ابن كثير . وعبارته : { حكمة بالغة } أي في هدايته تعالى لمن هداه ، وإضلاله لمن أضله { فما تغن النذر } يعني أي شيء تغني النذر عمن كتب الله عليه الشقاوة ، وختم على قلبه . فمن ذا الذي يهديه من بعد الله ؟ وهذه الآية كقوله تعالى :{[6864]} { ولو شاء لهداكم أجمعين } وكذا قوله تعالى : {[6865]} { وما تغني الآيات والنذر عن قوم لا يؤمنون } .


[6864]:[16/النحل/9].
[6865]:[10/ يونس/ 101].