وقوله : { وَبَشِّرِ الْمُؤْمِنِينَ بِأَنَّ لَهُمْ مِنَ اللَّهِ فَضْلًا كَبِيرًا } ذكر في هذه الجملة ، المبشَّر ، وهم المؤمنون ، وعند ذكر الإيمان بمفرده ، تدخل فيه الأعمال الصالحة .
وذكر المبشَّر به ، وهو الفضل الكبير ، أي : العظيم الجليل ، الذي لا يقادر قدره ، من النصر في الدنيا ، وهداية القلوب ، وغفران الذنوب ، وكشف الكروب ، وكثرة الأرزاق الدَّارَّة ، وحصول النعم السارة ، والفوز برضا ربهم وثوابه ، والنجاة من سخطه وعقابه .
وهذا مما ينشط العاملين ، أن يذكر لهم ، من ثواب اللّه على أعمالهم ، ما به يستعينون على سلوك الصراط المستقيم ، وهذا من جملة حكم الشرع ، كما أن من حكمه ، أن يذكر في مقام الترهيب ، العقوبات المترتبة على ما يرهب منه ، ليكون عونًا على الكف عما حرم اللّه .
وقوله { وبشر } الواو عاطفة جملة على جملة والمعنى منقطع من الذي قبله ، أمره الله تعالى بأن يبشر المؤمنين بالفضل الكبير من الله .
قال القاضي أبو محمد : قال لنا أبي رضي الله عنه : هذه من أرجى آية عندي في كتاب الله تعالى لأن الله تعالى أمر نبيه أن يبشر المؤمنين { بأن لهم } عنده { فضلاً كبيراً } ، وقد بين تعالى الفضل الكبير ما هو في قوله تعالى : { والذين آمنوا وعملوا الصالحات في روضات الجنات لهم ما يشاؤون عند ربهم ذلك هو الفضل الكبير }{[9535]} [ الشورى : 22 ] ، فالآية التي في هذه السورة خبر والتي في { حم عسق } [ الشورى : 1 ] تفسير لها .
تفسير مقاتل بن سليمان 150 هـ :
{وبشر المؤمنين بأن لهم من الله فضلا كبيرا} يعني الجنة.
جامع البيان عن تأويل آي القرآن للطبري 310 هـ :
وقوله:"وَبَشّرِ المُؤْمِنِينَ بأنّ لَهُمْ مِنَ اللّهِ فَضْلاً كَبِيرا" يقول تعالى ذكره: وبشّر أهل الإيمان بالله يا محمد "بأن لهم من الله فضلاً كبيرا "يقول: بأن لهم من ثواب الله على طاعتهم إياه تضعيفا كثيرا، وذلك هو الفضل الكبير من الله لهم.
تأويلات أهل السنة للماتريدي 333 هـ :
فيه دلالة أن البشارة إنما تكون بفضل من الله، لا أنهم يستوجبون بأعمالهم شيئا من ذلك.
التبيان في تفسير القرآن للطوسي 460 هـ :
"فضلا كبيرا" أي زيادة على ما يستحقونه من الثواب كثيرا.
لطائف الإشارات للقشيري 465 هـ :
{وَبَشِّرِ الْمُؤمِنِينَ} بفضلِنا معهم، ونَيْلِهم طَوْلَنا عليهم، وإحسانِنا إليهم. ومَنْ لم تُؤَثِّرْ فيه بَرَكةُ إيمانه بك فلا قَدْرَ له عندنا.
الكشاف عن حقائق التنزيل للزمخشري 538 هـ :
الفضل: ما يتفضل به عليهم زيادة على الثواب، وإذا ذكر المتفضل به وكبره فما ظنك بالثواب.
المحرر الوجيز في تفسير الكتاب العزيز لابن عطية 542 هـ :
قال لنا أبي رضي الله عنه: هذه من أرجى آية عندي في كتاب الله تعالى؛ لأن الله تعالى أمر نبيه أن يبشر المؤمنين {بأن لهم} عنده {فضلاً كبيراً}، وقد بين تعالى الفضل الكبير ما هو في قوله تعالى: {والذين آمنوا وعملوا الصالحات في روضات الجنات لهم ما يشاؤون عند ربهم ذلك هو الفضل الكبير} [الشورى: 22]، فالآية التي في هذه السورة خبر والتي في {حم عسق} [الشورى: 1] تفسير لها...
نظم الدرر في تناسب الآيات و السور للبقاعي 885 هـ :
{وبشر المؤمنين} أي الذين صح لهم هذا الوصف، فإنك مبشر {بأن لهم} وبين عظمة هذه البشرى بقوله: {من الله} أي الذي له جميع صفات العظمة.
{فضلاً كبيراً} أي من جهة النفاسة ومن جهة التضعيف من عشرة أمثال الحسنة إلى ما لا يعلمه إلا الله...
تيسير الكريم المنان في تفسير القرآن لابن سعدي 1376 هـ :
ذكر المبشَّر به، وهو الفضل الكبير، أي: العظيم الجليل، الذي لا يقادر قدره، من النصر في الدنيا، وهداية القلوب، وغفران الذنوب، وكشف الكروب، وكثرة الأرزاق الدَّارَّة، وحصول النعم السارة، والفوز برضا ربهم وثوابه، والنجاة من سخطه وعقابه؛ وهذا مما ينشط العاملين أن يذكر لهم من ثواب اللّه على أعمالهم، ما به يستعينون على سلوك الصراط المستقيم، وهذا من جملة حكم الشرع، كما أن من حكمه، أن يذكر في مقام الترهيب، العقوبات المترتبة على ما يرهب منه، ليكون عونًا على الكف عما حرم اللّه...
التحرير والتنوير لابن عاشور 1393 هـ :
...الفضل كناية عن العطية أيضاً لأنه لا يكون فضلاً إلا إذا كان زائداً على العطية، والمراد أن لهم ثواب أعمالهم الموعود بها وزيادة من عند ربهم، قال تعالى: {للذين أحسنوا الحسنى وزيادة} [يونس: 26].
الأمثل في تفسير كتاب الله المنزل - لجنة تأليف بإشراف الشيرازي 2009 هـ :
لا يحدّ الثواب الإلهي بمقدار أعمال المؤمنين الصالحة، بل إنّ الله سبحانه يفيض عليهم من فضله بحيث تضطرب المعادلة بين العمل والجزاء تماماً كما تشهد بذلك الآيات القرآنية. فتقول في موضع: (من جاء بالحسنة فله عشر أمثالها). وتقول في موضع آخر: (مثل الذين ينفقون أموالهم في سبيل الله كمثل حبّة أنبتت سبع سنابل في كلّ سنبلة مائة حبّة والله يضاعف لمن يشاء). وقد تذهب أبعد من ذلك فتقول: (فلا تعلم نفس ما اُخفي لهم من قرّة أعين). وبهذا فإنّ أبعاد الفضل الإلهي الكبير أوسع وأسمى ممّا يخطر في التصوّر والأوهام.
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.