فتح البيان في مقاصد القرآن للقنوجي - صديق حسن خان  
{وَبَشِّرِ ٱلۡمُؤۡمِنِينَ بِأَنَّ لَهُم مِّنَ ٱللَّهِ فَضۡلٗا كَبِيرٗا} (47)

{ وَبَشِّرِ الْمُؤْمِنِينَ } عطف على مقدر يقتضيه المقام ؛ كأنه قيل : فراقب أحوال الناس ، وبشر المؤمنين من أمتك { بِأَنَّ لَهُم مِّنَ اللهِ فَضْلا كَبِيرًا } على مؤمني سائر الأمم في الرتبة والشرف ، وزيادة على أجور أعمالهم بطريق التفضل والإحسان ، وقد بين ذلك سبحانه بقوله : { والذين آمنوا وعملوا الصالحات في روضات الجنات لهم ما يشاؤون عند ربهم ذلك هو الفضل الكبير }

عن ابن عباس قال : لما نزلت : ( يا أيها النبي ) الآية ، وقد كان صلى الله عليه وسلم أمر عليا ومعاذا أن يسيرا إلى اليمن فقال : ( انطلقا فبشر ولا تنفرا ، ويسرا ولا تعسرا ) فإنها قد أنزلت علي ( يا أيها النبي إنا أرسلناك ) الآية .

وأخرج أحمد والبخاري وغيرهما : عن عطاء بن يسار قال لقيت عبد الله ابن عمرو بن العاص فقلت : أخبرني عن صفة رسول الله صلى الله عليه وسلم في التوراة ، قال أجل والله إنه لموصوف في التوراة ببعض صفته في القرآن { يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِنَّا أَرْسَلْنَاكَ شَاهِدًا وَمُبَشِّرًا وَنَذِيرًا } وحرزا للأميين أنت عبدي ورسولي سميتك المتوكل ليس بفظ ولا غليظ ولا صخاب في الأسواق ولا يجزي بالسيئة السيئة ، ولكن يعفوا ويصفح ) وزاد أحمد : ولن يقبضه الله حتى يقيم الملة العوجاء بأن يقولوا : لا إله إلا الله فيفتح بها أعينا عميا ، وآذانا صما وقلوبا غلفا ، وقد ذكر البخاري في صحيحه في البيوع هذا الحديث فقال :وقال سعيد عن هلال عن عطاء عن عبد الله بن سلام ولم يقل : عبد الله بن عمروا ، وهذا أولى فعبد الله بن سلام هو الذي كان يسأل عن التوراة فيخبر بما فيها .