معالم التنزيل في تفسير القرآن الكريم للبغوي - البغوي [إخفاء]  
{ٱتَّخَذُوٓاْ أَيۡمَٰنَهُمۡ جُنَّةٗ فَصَدُّواْ عَن سَبِيلِ ٱللَّهِ فَلَهُمۡ عَذَابٞ مُّهِينٞ} (16)

قوله تعالى : { أعد الله لهم عذابا شديدا إنهم ساء ما كانوا يعملون ، اتخذوا أيمانهم } الكاذبة ، { جنةً } يستجنون بها من القتل ويدفعون بها عن أنفسهم وأموالهم ، { فصدوا عن سبيل الله } صدوا المؤمنين عن جهادهم بالقتل وأخذ أموالهم . { فلهم عذاب مهين } .

 
تيسير الكريم المنان في تفسير القرآن لابن سعدي - ابن سعدي [إخفاء]  
{ٱتَّخَذُوٓاْ أَيۡمَٰنَهُمۡ جُنَّةٗ فَصَدُّواْ عَن سَبِيلِ ٱللَّهِ فَلَهُمۡ عَذَابٞ مُّهِينٞ} (16)

{ اتَّخَذُوا أَيْمَانَهُمْ جُنَّةً } أي : ترسا ووقاية ، يتقون بها من لوم الله ورسوله والمؤمنين ، فبسبب ذلك صدوا أنفسهم وغيرهم عن سبيل الله ، وهي الصراط الذي من سلكه أفضى به إلى جنات النعيم . ومن صد عنه فليس إلا الصراط الموصل إلى الجحيم ، { فَلَهُمْ عَذَابٌ مُهِينٌ } حيث استكبروا عن الإيمان بالله والانقياد لآياته ، أهانهم بالعذاب السرمدي ، الذي لا يفتر عنهم ساعة ولا هم ينظرون .

 
تفسير القرآن العظيم لابن كثير - ابن كثير [إخفاء]  
{ٱتَّخَذُوٓاْ أَيۡمَٰنَهُمۡ جُنَّةٗ فَصَدُّواْ عَن سَبِيلِ ٱللَّهِ فَلَهُمۡ عَذَابٞ مُّهِينٞ} (16)

{ اتَّخَذُوا أَيْمَانَهُمْ جُنَّةً فَصَدُّوا عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ }أي : أظهروا الإيمان وأبطنوا الكفر ، واتقوا بالأيمان الكاذبة ، فظن كثير ممن لا يعرف حقيقة أمرهم صدقهم فاغتر بهم ، فحصل بهذا صد عن سبيل الله لبعض الناس{ فَلَهُمْ عَذَابٌ مُهِينٌ } أي : في مقابلة ما امتهنوا من الحلف باسم الله العظيم في الأيمان الكاذبة الحانثة .

 
جامع البيان عن تأويل آي القرآن للطبري - الطبري [إخفاء]  
{ٱتَّخَذُوٓاْ أَيۡمَٰنَهُمۡ جُنَّةٗ فَصَدُّواْ عَن سَبِيلِ ٱللَّهِ فَلَهُمۡ عَذَابٞ مُّهِينٞ} (16)

وقوله : { اتّخَذُوا أيمانَهُمْ جُنّةً }يقول جلّ ثناؤه : جعلوا حلفهم وأيمانهم جنة يسجنون بها من القتل ويدفعون بها عن أنفسهم وأموالهم وذراريهم ، وذلك أنهم إذا اطلع منهم على النفاق ، حلفوا للمؤمنين بالله إنهم لمنهم فَصَدّوا عَنْ سَبِيلِ اللّهِ يقول جلّ ثناؤه : فصدّوا بأيمانهم التي اتخذوها جنة المؤمنين عن سبيل الله فيهم ، وذلك أنهم كفرة ، وحكم الله وسبيله في أهل الكفر به من أهل الكتاب القتل ، أو أخذ الجزية ، وفي عبدة الأوثان القتل ، فالمنافقون يصدّون المؤمنين عن سبيل الله فيهم بأيمانهم إنهم مؤمنون ، وإنهم منهم ، فيحولون بذلك بينهم وبين قتلهم ، ويمتنعون به مما يمتنع منه أهل الإيمان بالله .

وقوله : { فَلَهُمْ عَذَابٌ مُهِينٌ }يقول : فلهم عذاب مُذِلّ لهم في النار .

 
التحرير والتنوير لابن عاشور - ابن عاشور [إخفاء]  
{ٱتَّخَذُوٓاْ أَيۡمَٰنَهُمۡ جُنَّةٗ فَصَدُّواْ عَن سَبِيلِ ٱللَّهِ فَلَهُمۡ عَذَابٞ مُّهِينٞ} (16)

جملة مستأنفة استئنافاً بيانياً عن جملة { ويحلفون على الكذب وهم يعلمون } [ المجادلة : 14 ] ، لأن ذلك يثير سؤال سائل أن يقول : ما ألجأهم إلى الحلف على الكذب ، فأجيب بأن ذلك لقضاء مآربهم وزيادة مكرهم . ويجوز أن تجعل الجملة خبراً ثانياً لأن في قوله : { إنهم ساء ما كانوا يعملون } [ المجادلة : 15 ] وتكون داخلة في التعليل .

والجُنّة : الوقاية والسترة ، من جَنّ ، إذا استتر ، أي وقاية من شعور المسلمين بهم ليتمكنوا من صدّ كثير ممن يريد الدخول في الإِسلام عن الدخول فيه لأنهم يختلقون أكذوبات ينسبونها إلى الإِسلام والمسلمين وذلك معنى التفريع بالفاء في قوله تعالى : { فصدوا عن سبيل الله } .

و « صدُّوا » يجوز أن يكون متعدّياً ، وحذف مفعوله لظهوره ، أي فصدُّوا الناسَ عن سبيل الله ، أي الإِسلام بالتثبيط وإلصاق التهم والنقائص بالدين . ويجوز أن يكون الفعل قاصراً ، أي فصدّوا هُم عن سبيل الله ومجيء فعل « صدوا عن سبيل الله » ماضياً مفرعاً على { اتخذوا أيمانهم جنة } مع أن أيمانهم حصلت بعد أن صدوا عن سبيل الله على كلا المعنيين مراعى فيه التفريع الثاني وهو { فلهم عذاب مهين } .

وفُرع عليه { فلهم عذاب مهين } ليعلم أن ما اتخذوا من أيمانهم جُنّة سبب من أسباب العذاب يقتضي مضاعفة العذاب . وقد وصف العذاب أول مرة بشديد وهو الذي يجازون به على تولّيهم قوماً غَضِب الله عليهم وحلفهم على الكذب .

ووصف عذابهم ثانياً ب { مهين } لأنه جزاء على صَدّهم النّاس عن سبيل الله . وهذا معنى شديد العذاب لأجل عظيم الجرم كقوله تعالى : { الذين كفروا وصدّوا عن سبيل الله زدناهم عذاباً فوق العذاب } [ النمل : 88 ] .

فكان العذاب مناسباً للمقصدين في كفرهم وهو عذاب واحد فيه الوصفان . وكرر ذكره إبلاغاً في الإِنذار والوعيد فإنه مقام تكرير مع تحسينه باختلاف الوصفين .

 
الجامع التاريخي لبيان القرآن الكريم - مركز مبدع [إخفاء]  
{ٱتَّخَذُوٓاْ أَيۡمَٰنَهُمۡ جُنَّةٗ فَصَدُّواْ عَن سَبِيلِ ٱللَّهِ فَلَهُمۡ عَذَابٞ مُّهِينٞ} (16)

تفسير مقاتل بن سليمان 150 هـ :

{اتخذوا أيمانهم} يعني حلفهم {جنة} من القتل {فصدوا} الناس {عن سبيل الله} يعني دين الله الإسلام {فلهم عذاب مهين}...

جامع البيان عن تأويل آي القرآن للطبري 310 هـ :

قوله: {اتّخَذُوا أيمانَهُمْ جُنّةً} يقول جلّ ثناؤه: جعلوا حلفهم وأيمانهم جنة يستجنون بها من القتل ويدفعون بها عن أنفسهم وأموالهم وذراريهم، وذلك أنهم إذا اطلع منهم على النفاق، حلفوا للمؤمنين بالله إنهم لمنهم.

"فَصَدّوا عَن سَبِيلِ اللّهِ" يقول جلّ ثناؤه: فصدّوا بأيمانهم التي اتخذوها جنة المؤمنين عن سبيل الله فيهم، وذلك أنهم كفرة، وحكم الله وسبيله في أهل الكفر به من أهل الكتاب القتل، أو أخذ الجزية، وفي عبدة الأوثان القتل، فالمنافقون يصدّون المؤمنين عن سبيل الله فيهم بأيمانهم إنهم مؤمنون، وإنهم منهم، فيحولون بذلك بينهم وبين قتلهم، ويمتنعون به مما يمتنع منه أهل الإيمان بالله.

وقوله: {فَلَهُمْ عَذَابٌ مُهِينٌ} يقول: فلهم عذاب مُذِلّ لهم في النار.

تأويلات أهل السنة للماتريدي 333 هـ :

{فصدوا عن سبيل الله} يحتمل صدوا أنفسهم عن سبيل الله، أو صدوا الناس عن سبيله بما ذكر...

التبيان في تفسير القرآن للطوسي 460 هـ :

(اتخذوا أيمانهم) التي يحلفون بها (جُنة) أي سترة وترسا يدفعون بها عن نفوسهم التهمة والظنة إذا ظهرت منهم الريبة. والاتخاذ: جعل الشي ء عدة...فهؤلاء جعلوا الإيمان عدة ليدفعوا بها عن نفوسهم الظنة.

تفسير القرآن للسمعاني 489 هـ :

{اتخذوا أيمانهم جنة} معناه: اتقوا بأيمانهم كما يتقي المحارب بجنته، وهي ترسه.

نظم الدرر في تناسب الآيات و السور للبقاعي 885 هـ :

فإنهم كانوا يثبطون من لقوا عن الدخول في الإسلام ويوهنون أمره ويحقرونه، ومن رآهم قد خلصوا من المكاره بأيمانهم الحانثة وردت عليهم الأرزاق استدراجاً وحصلت لهم الرفعة عند الناس بما يرضونهم من أقوالهم المؤكدة بالأيمان، غره ذلك فاتبع سنتهم في أقوالهم وأفعالهم، ونسج على منوالهم، غروراً بظاهر أمرهم، معرضاً عما توعدهم الله سبحانه عليه من جزاء خداعهم ومكرهم، وأجرى الأمر على أسلوب التهكم باللام التي تكون في المحبوب فقال: {فلهم} أي فتسبب عن صدهم أنهم كان لهم {عذاب مهين} جزاء بما طلبوا بذلك الصد إعزاز أنفسهم وإهانة أهل الإسلام.

التحرير والتنوير لابن عاشور 1393 هـ :

وقد وصف العذاب أول مرة بشديد وهو الذي يجازون به على تولّيهم قوماً غَضِب الله عليهم وحلفهم على الكذب. ووصف عذابهم ثانياً ب {مهين} لأنه جزاء على صَدّهم النّاس عن سبيل الله. وهذا معنى شديد العذاب لأجل عظيم الجرم...