التفسير الوسيط للقرآن الكريم لسيد طنطاوي - سيد طنطاوي  
{ٱتَّخَذُوٓاْ أَيۡمَٰنَهُمۡ جُنَّةٗ فَصَدُّواْ عَن سَبِيلِ ٱللَّهِ فَلَهُمۡ عَذَابٞ مُّهِينٞ} (16)

وقوله - سبحانه - { اتخذوا أَيْمَانَهُمْ جُنَّةً فَصَدُّواْ عَن سَبِيلِ . . } بيان لرذيلة رابعة أو خامسة ، لا تقل في قبحها عما سبقها من رذائل ، وقوله : { أَيْمَانَهُمْ } جمع يمين بمعنى الحلف .

وقوله : { جُنَّةً } من الجَنِّ بمعنى الستر عن الحاسة ، وهذه المادة وما اشتق منها تدور حول الستر والخفاء . وتطلق الجنة على الترس الذى يضعه المقاتل على صدره أن على ذراعيه ليتقى به الضربات من عدوه .

ومفعول { فَصَدُّواْ } : محذوف للعلم به .

أي : أن هؤلاء المنافقين قد اتخذوا أيمانهم الكاذبة . وهي حلفهم للمسلمين بأنهم معهم ، وبأنهم لايضمرون شرا لهم . اتخذوا من كل ذلك وقاية وسترة عن المؤاخذة ، كما يتخذ المقاتل الترس وقاية له من الأذى . . . { فَصَدُّواْ } { عَن سَبِيلِ الله } أي : عن دينه الحق ، وطريقه المستقيم .

{ فَلَهُمْ عَذَابٌ مُّهِينٌ } أي : فترتب على تسترهم خلف الأيمان الفاجرة ، وعلى صدهم غيرهم عن الحق ، أن أعد الله - تعالى - لهم عذابا يهينهم ويذلهم .