فتح القدير الجامع بين فني الرواية والدراية من علم التفسير للشوكاني - الشوكاني  
{ٱتَّخَذُوٓاْ أَيۡمَٰنَهُمۡ جُنَّةٗ فَصَدُّواْ عَن سَبِيلِ ٱللَّهِ فَلَهُمۡ عَذَابٞ مُّهِينٞ} (16)

{ اتخذوا أيمانهم جُنَّةً } قرأ الجمهور : { أَيْمَانَهُمْ } بفتح الهمزة جمع يمين ، وهي ما كانوا يحلفون عليه من الكذب بأنهم من المسلمين توقياً من القتل ، فجعلوا هذه الأيمان وقاية وسترة دون دمائهم كما يجعل المقاتل الجنة وقاية له من أن يصاب بسيف أو رمح أو سهم . وقرأ الحسن وأبو العالية ( إيمانهم ) بكسر الهمزة أي جعلوها تصديقهم جنة من القتل ، فآمنت ألسنتهم من خوف القتل ولم تؤمن قلوبهم { فَصَدُّواْ عَن سَبِيلِ الله } أي منعوا الناس عن الإسلام بسبب ما يصدر عنهم من التثبيط وتهوين أمر المسلمين وتضعيف شوكتهم ، وقيل المعنى : فصدّوا المسلمين عن قتالهم بسبب إظهارهم للإسلام { فَلَهُمْ عَذَابٌ مُّهِينٌ } أي يهينهم ويخزيهم ، قيل : هو تكرير لقوله : { أَعَدَّ الله لَهُمْ عَذَاباً شَدِيداً } للتأكيد ، وقيل : الأوّل عذاب القبر ، وهذا عذاب الآخرة ، ولا وجه للقول بالتكرار ، فإن العذاب الموصوف بالشدّة غير العذاب الموصوف بالإهانة .