السراج المنير في تفسير القرآن الكريم للشربيني - الشربيني  
{ٱتَّخَذُوٓاْ أَيۡمَٰنَهُمۡ جُنَّةٗ فَصَدُّواْ عَن سَبِيلِ ٱللَّهِ فَلَهُمۡ عَذَابٞ مُّهِينٞ} (16)

{ اتخذوا أيمانهم } أي : الكاذبة التي لا تهون على من في قلبه مثقال حبة من خردل من إيمان { جنة } وقاية وسترة من كل ما يفضحهم من النفاق كائناً ما كان { فصدّوا } أي : كان قبول ذلك منهم وتأخير عقابهم سبباً لإيقاعهم الصدّ { عن سبيل الله } أي : شرع الملك الأعلى الذي هو طريق إلى رضوانه الذي هو سبب الفوز العظيم ، فإنهم كانوا يثبطون من لقوا عن الدخول في الإسلام ويوهنون أمره ويحقرونه ، ومن رآهم قد خلصوا من المكاره بأيمانهم الخائنة ودرّت عليهم الأرزاق استدراجاً ، وحصلت لهم الرفعة عند الناس بما يرضونه من أقوالهم المؤكدة بالإيمان ، غرّه ذلك فاتبع سنتهم في أقوالهم وأفعالهم ونسج على منوالهم غروراً بظاهر أمرهم ، معرضاً عما توعدهم الله تعالى عليه من جزاء خداعهم وأمرهم وأجرى الأمر على أسلوب التهكم باللام التي تكون في المحبوب فقال تعالى :{ فلهم } أي : فتسبب عن صدّهم إنه كان لهم{ عذاب مهين } جزاء بما طلبوا بذلك الصدّ إعزاز أنفسهم وإهانة أهل الإسلام .