[ وقوله : ] { إِنَّمَا يَنْهَاكُمُ اللَّهُ عَنِ الَّذِينَ قَاتَلُوكُمْ فِي الدِّينِ } أي : لأجل دينكم ، عداوة لدين الله ولمن قام به ، { وَأَخْرَجُوكُمْ مِنْ دِيَارِكُمْ وَظَاهَرُوا } أي : عاونوا غيرهم { عَلَى إِخْرَاجِكُمْ } نهاكم الله { أَنْ تَوَلَّوْهُمْ } بالمودة والنصرة ، بالقول والفعل ، وأما بركم وإحسانكم ، الذي ليس بتول للمشركين ، فلم ينهكم الله عنه ، بل ذلك داخل في عموم الأمر بالإحسان إلى الأقارب وغيرهم من الآدميين ، وغيرهم .
{ وَمَنْ يَتَوَلَّهُمْ فَأُولَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ } وذلك الظلم يكون بحسب التولي ، فإن كان توليا تاما ، صار{[1057]} ذلك كفرا مخرجا عن دائرة الإسلام ، وتحت ذلك من المراتب ما هو غليظ ، وما هو دون ذلك .
وقوله : { إِنَّمَا يَنْهَاكُمُ اللَّهُ عَنِ الَّذِينَ قَاتَلُوكُمْ فِي الدِّينِ وَأَخْرَجُوكُمْ مِنْ دِيَارِكُمْ وَظَاهَرُوا عَلَى إِخْرَاجِكُمْ أَنْ تَوَلَّوْهُمْ } أي : إنما ينهاكم عن موالاة هؤلاء الذين ناصبوكم العداوة ، فقاتلوكم وأخرجوكم ، وعاونوا على إخراجكم ، ينهاكم الله عن موالاتهم ويأمركم بمعاداتهم . ثم أكد الوعيد على موالاتهم فقال : { وَمَنْ يَتَوَلَّهُمْ فَأُولَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ } كقوله :{ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَتَّخِذُوا الْيَهُودَ وَالنَّصَارَى أَوْلِيَاءَ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ وَمَنْ يَتَوَلَّهُمْ مِنْكُمْ فَإِنَّهُ مِنْهُمْ إِنَّ اللَّهَ لا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ } [ المائدة : 51 ] .
القول في تأويل قوله تعالى : { إِنّمَا يَنْهَاكُمُ اللّهُ عَنِ الّذِينَ قَاتَلُوكُمْ فِي الدّينِ وَأَخْرَجُوكُم مّن دِيَارِكُمْ وَظَاهَرُواْ عَلَىَ إِخْرَاجِكُمْ أَن تَوَلّوْهُمْ وَمَن يَتَوَلّهُمْ فَأُوْلََئِكَ هُمُ الظّالِمُونَ } .
يقول تعالى ذكره : { إنّمَا يَنْهَاكُمُ اللّهُ } أيها المؤمنون { عَن الّذِينَ قاتَلُوكُمْ فِي الدّين }من كفار أهل مكة ، { وأخْرَجُوكُمْ مِنْ دِيارِكُمْ وَظَاهِرُوا على إخْرَاجِكُمْ أنْ تَوَلّوْهُمْ } يقول : وعاونوا من أخرجكم من دياركم على إخراجكم أن تولوهم ، فتكونوا لهم أولياء ونصراء ، { وَمَنْ يَتَوَلّهُمْ } يقول : ومن يجعلهم منكم أو من غيركم أولياء ، { فأُولَئِكَ هُمُ الظّالِمُونَ } يقول : فأولئك هم الذين تولوا غير الذي يجوز لهم أن يتولوهم ، ووضعوا ولايتهم في غير موضعها ، وخالفوا أمر الله في ذلك . وبنحو الذي قلنا في معنى قوله الّذِينَ قَاتَلُوكُمْ فِي الدّين قال أهل التأويل .
حدثني محمد بن عمرو ، قال : حدثنا أبو عاصم ، قال : حدثنا عيسى وحدثني الحارث ، قال : حدثنا الحسن ، قال : حدثنا ورقاء ، جميعا عن ابن أبي نجيح ، عن مجاهد : { إنّمَا يَنْهاكُمُ اللّهُ عَن الّذِينَ قَاتَلُوكُمْ فِي الدّين }قال : كفار أهل مكة .
روي أن قتيلة بنت عبد العزى قدمت مشركة على بنتها أسماء بنت أبي بكر بهدايا فلم تقبلها ولم تأذن لها بالدخول ، فنزلت إنما ينهاكم الله عن الذين قاتلوكم في الدين وأخرجوكم من دياركم وظاهروا على إخراجكم كمشركي مكة فإن بعضهم سعوا في إخراج المؤمنين وبعضهم أعانوا المخرجين أن تولوهم بدل من الذين بدل الاشتمال ، ومن يتولهم فأولئك هم الظالمون لوضعهم الولاية في غير موضعها .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.