معالم التنزيل في تفسير القرآن الكريم للبغوي - البغوي [إخفاء]  
{إِنَّ جَهَنَّمَ كَانَتۡ مِرۡصَادٗا} (21)

{ إن جهنم كانت مرصاداً } طريقاً وممراً فلا سبيل لأحد إلا الجنة حتى يقطع النار . وقيل : { كانت مرصاداً } أي : معدة لهم ، يقال : أرصدت له الشيء إذا أعددته له . وقيل : هو من رصدت الشيء أرصده إذا ترقبته . والمرصاد : المكان الذي يرصد الراصد فيه العدو . وقوله : { إن جهنم كانت مرصادا } أي ترصد الكفار . وروى مقسم عن ابن عباس : أن على جسر جهنم سبع محابس يسأل العبد عند أولها عن شهادة أن لا إله إلا الله ، فإن أجاء بها تامة جاز إلى الثاني ، فيسأل عن الصلاة ، فإن أجاء بها تامة جاز إلى الثالث ، فيسأل عن الزكاة ، فإن أجاء بها تامة جاز إلى الرابع ، فيسأل عن الصوم فإن جاء به تاماً جاز إلى الخامس ، فيسأل عن الحج فإن جاء به تاماً جاز إلى السادس ، فيسأل عن العمرة فإن أجاء بها تامة جاز إلى السابع ، فيسأل عن المظالم فإن خرج منها وإلا يقال : انظروا فإن كان له تطوع أكمل بها أعماله ، فإذا فرغ منه انطلق به إلى الجنة .

 
تيسير الكريم المنان في تفسير القرآن لابن سعدي - ابن سعدي [إخفاء]  
{إِنَّ جَهَنَّمَ كَانَتۡ مِرۡصَادٗا} (21)

ويفصل الله بين الخلائق بحمكه الذي لا يجور ،

 
في ظلال القرآن لسيد قطب - سيد قطب [إخفاء]  
{إِنَّ جَهَنَّمَ كَانَتۡ مِرۡصَادٗا} (21)

ثم يمضي السياق خطوة وراء النفخ والحشر ، فيصور مصير الطغاة ومصير التقاة . بادئا بالأولين المكذبين المتسائلين عن النبأ العظيم :

( إن جهنم كانت مرصادا ، للطاغين مآبا ، لابثين فيها أحقابا . لا يذوقون فيها بردا ولا شرابا ، إلا حميما وغساقا . جزاء وفاقا . إنهم كانوا لا يرجون حسابا ، وكذبوا بآياتنا كذابا . وكل شيء أحصيناه كتابا . فذوقوا فلن نزيدكم إلا عذابا ) . .

إن جهنم خلقت ووجدت وكانت مرصادا للطاغين تنتظرهم وتترقبهم وينتهون إليها فإذا هي معدة لهم ، مهيأة لاستقبالهم . وكأنما كانوا في رحلة في الأرض ثم آبوا إلى مأواهم الأصيل !

وهم يردون هذا المآب للإقامة الطويلة المتجددة أحقابا بعد أحقاب :

 
أنوار التنزيل وأسرار التأويل للبيضاوي - البيضاوي [إخفاء]  
{إِنَّ جَهَنَّمَ كَانَتۡ مِرۡصَادٗا} (21)

إن جهنم كانت مرصادا موضع رصد يرصد فيه خزنة النار الكفار أو خزنة الجنة المؤمنين ليحرسوهم من فيحها في مجازهم عليها كالمضمار فإنه الموضع الذي تضمر فيه الخيل أو مجدة في ترصد الكفرة لئلا يشذ منها واحد كالمطعان وقرئ أن بالفتح على التعليل لقيام الساعة .

 
المحرر الوجيز في تفسير الكتاب العزيز لابن عطية - ابن عطية [إخفاء]  
{إِنَّ جَهَنَّمَ كَانَتۡ مِرۡصَادٗا} (21)

و { مرصاداً } : موضع الرصد ، ومنه قوله تعالى : { إن ربك لبالمرصاد }{[11570]} [ الفجر : 14 ] ، وقد روي عن الحسن بن أبي الحسن أنه قال : «لا يدخل أحد الجنة حتى يجوز على جهنم ، فمن كانت عنده أسباب نجاة نجا وإلا هلك » . وقال قتادة : تعلمن أنه لا سبيل إلى الجنة حتى تقطع النار ، وفي الحديث الصحيح : «إن الصراط جسر ينصب على متن جهنم ثم يجوز عليه الناس فناج ومكردس »{[11571]} ، وقال بعض المتأولين : { مرصاداً } مفعال بمعنى راصد ، وقرأ أبو معمر المنقري{[11572]} : «أن جهنم » بفتح الألف والجمهور : على كسرها .


[11570]:الآية 14 من سورة الفجر.
[11571]:هذا جزء من حديث طويل أخرجه البخاري، ومسلم، وابن ماجه، وأحمد، عن أبي سعيد الخدري، وفيه كما جاء في البخاري، في كتاب التوحيد (ثم يؤتي بالجسر فيجعل بين ظهري جهنم، قلنا: يا رسول الله، وما الجسر؟ قال: مدحضة مزلة، عليه خطاطيف وكلاليب وحسكة مفلطحة لها شوكة عقيفاء تكون بنجد يقال لها: السعدان، المؤمن عليها كالطرف وكالبرق وكالريح وكأجاويد الخيل والركاب، فناح مسلم، وناح مخدوش ومكدوس في نار جهنم، حتى يمر آخرهم يسحب سحبا... الحديث)، وهو طويل. هذا والمدحضة: المزلقة . والمزلة: موضع الزلل، يقال: أرض مزلة. والكلاليب: جمع كلاب، وهو الحديدة المعوجة من ناحية رأسها يعلق بها الشيء. وحسك السعدان: نبات له ثمرة خشنة تتعلق بأصواف الغنم وأوبار الإبل، والطرف: تحريك العين أو الجفن. والمخدوش: الذي أصيب جلده بجروح، والمكدوس: الذي دفع من ورائه فسقط على وجهه وسقط غيره فوقه فتجمع بعضهم على بعض.
[11572]:هو عبد الله بن عمرو بن أبي الحجاج التيمي، أبو معمر المنقري، قال عنه في تقريب التهذيب: "ثقة، ثبت، رمي بالقدر، مات سنة أربع وعشرين"..