اللباب في علوم الكتاب لابن عادل - ابن عادل  
{إِنَّ جَهَنَّمَ كَانَتۡ مِرۡصَادٗا} (21)

قوله تعالى : { إِنَّ جَهَنَّمَ كَانَتْ مِرْصَاداً } «مِفْعَالاً » من الرصد ، والرصد : كل شيء كان أمامك .

قرأ ابن يعمر وابن عمر والمنقري{[59132]} : «أنَّ جَهنَّمَ » بفتح «أن » .

قال الزمخشريُّ : على تعليل قيام الساعة ، بأن جهنم كانت مرصاداً للطَّاغين ، كأنَّه قيل : كان ذلك لإقامة الجزاء ، يعني : أنه علَّة لقوله تعالى : { يَوْمَ يُنفَخُ فِي الصور } إلى آخره .

قال القفال{[59133]} : في المرصاد قولان :

أحدهما : أنَّ المرصاد اسم للمكان الذي يرصد فيه ، كالمضمارِ اسم للمكان الذي يضمر فيه الخيل ، والمِنْهَاج : اسم للمكان الذي ينهج فيه ، أي : جهنم معدَّة لهم فالمرصاد بمعنى المحل ، وعلى هذا فيه احتمالان :

الأول : أنَّ خزنة جهنم يرصدون الكفَّار .

والثاني : أن مجاز المؤمنين ، وممرهم على جهنم ، لقوله تعالى : { وَإِن مِّنكُمْ إِلاَّ وَارِدُهَا } [ مريم : 71 ] ، فخزنة الجنة يَسْتقبلُونَ المؤمنين عند جهنم ، ويرصدونهم عندها .

القول الثاني : أنَّ «المِرصَاد » «مِفْعَال » من الرصد ، وهو «الترقب » بمعنى أنَّ ذلك يكثر منه ، و«المِفْعَالُ » من أبنية المبالغة ك «المِعطَاء ، والمِعْمَار ، والمِطْعَان » .

قيل : إنَّها ترصد أعداءَ اللهِ ، وتشتد عليهم لقوله تعالى : تكاد تميَّزُ من الغيظ .

وقيل : ترصدُ كُلَّ منافقٍ وكافرٍ .

فصل

دلت الآية على أنَّ جهنم كانت مخلوقة لقوله تعالى أن جهنم كانت مرصاداً وإذا كانت كذلك كانت الجنة لعدم الفارق .


[59132]:في أ: مورها.
[59133]:ينظر: الكشاف 4/688، والمحرر الوجيز 5/425، والبحر المحيط 8/405.