الجامع التاريخي لبيان القرآن الكريم - مركز مبدع  
{إِنَّ جَهَنَّمَ كَانَتۡ مِرۡصَادٗا} (21)

جامع البيان عن تأويل آي القرآن للطبري 310 هـ :

إن جهنم كانت ذات رَصْد لأهلها، الذين كانوا يكذّبون في الدنيا بها، وبالمعاد إلى الله في الآخرة، ولغيرهم من المصدّقين بها. ومعنى الكلام: إن جهنم كانت ذات ارتقاب، ترقب من يجتازها وترصُدهم.

تأويلات أهل السنة للماتريدي 333 هـ :

منهم من ذكر أنها كانت في علم الله تعالى أنها ترصد على من حقت عليه كلمة العذاب، فتعذبه، ولا يمكنه الفرار عنها. وقيل: ترصد بشهيقها وزفيرها من استوجب العذاب، فتعذبه، وتقرب طواغيها له وسخطها على من سخط الله عليه. وقيل: معنى المرصاد أن يكون ممر كل كافر ومؤمن عليها، لكن الكافر يقع فيها، والمؤمن ينجو منها...

تفسير القرآن للسمعاني 489 هـ :

قال أهل اللغة: كل شيء كان أمامك فهو رصد، والمراد أنه المكان الذي يرصد فيه الكفار لنزول العذاب بهم... وقيل: مرصادا أي: يرصدون بالعذاب أي: على معنى أنه يعد لهم...

الكشاف عن حقائق التنزيل للزمخشري 538 هـ :

المرصاد: الحدّ الذي يكون فيه الرصد. والمعنى: أن جهنم هي حدّ الطاغين الذي يرصدون فيه للعذاب وهي مآبهم. أو هي مرصاد لأهل الجنة ترصدهم الملائكة الذين يستقبلونهم عندها، لأن مجازهم عليها، وهي مآب للطاغين. وعن الحسن وقتادة نحوه، قالا: طريقاً وممرّاً لأهل الجنة...

نظم الدرر في تناسب الآيات و السور للبقاعي 885 هـ :

ولما بين أن يوم الفصل هو النبأ العظيم بعد أن دل عليه وذكر ما فيه من المسير، ذكر ما إليه من الدارين المصير، فقال بعد التذكير بما في الجبال من العذاب بحزونتها وما فيها من السباع والحشرات والأشجار الشائكة والقواطع المتشابكة وغير ذلك من عجائب التقدير مؤكداً لتكذيبهم: {إن جهنم} أي النار التي تلقى أصحابها متجهمة لهم بغاية ما يكرهون {كانت} أي جبلة وخلقاً {مرصاداً} أي موضع رصد لأعداء الله ترصدهم فيها خزنة النار، فإذا رأوهم كردسوهم فيها... عند ورودها أو هي راصدة بليغة الرصد للكفار حتى صارت مجسدة من الرصد لتجمع أصحابها فلا يفوت منهم واحد كالمطعان لكثير الطعن، والمكثار للمبالغ في الإكثار.

في ظلال القرآن لسيد قطب 1387 هـ :

ثم يمضي السياق خطوة وراء النفخ والحشر، فيصور مصير الطغاة ومصير التقاة. بادئا بالأولين المكذبين المتسائلين عن النبأ العظيم:

(إن جهنم كانت مرصادا، للطاغين مآبا، لابثين فيها أحقابا. لا يذوقون فيها بردا ولا شرابا، إلا حميما وغساقا. جزاء وفاقا. إنهم كانوا لا يرجون حسابا، وكذبوا بآياتنا كذابا. وكل شيء أحصيناه كتابا. فذوقوا فلن نزيدكم إلا عذابا)..

إن جهنم خلقت ووجدت وكانت مرصادا للطاغين تنتظرهم وتترقبهم وينتهون إليها فإذا هي معدة لهم، مهيأة لاستقبالهم. وكأنما كانوا في رحلة في الأرض ثم آبوا إلى مأواهم الأصيل!

وهم يردون هذا المآب للإقامة الطويلة المتجددة أحقابا بعد أحقاب: