معالم التنزيل في تفسير القرآن الكريم للبغوي - البغوي [إخفاء]  
{قَٰلَ كَمۡ لَبِثۡتُمۡ فِي ٱلۡأَرۡضِ عَدَدَ سِنِينَ} (112)

قوله تعالى : { قال كم لبثتم } قرأ حمزة و الكسائي : قل كم وقل إن على الأمر والنهي . ومعنى الآية : قولوا أيها الكافرون ، فأخرج الكلام مخرج الواحد ، والمراد منه الجماعة ، إذ كان معناه مفهوماً ، ويجوز أن يكون الخطاب لكل واحد منهم ، أي قل أيها الكافرون ، وقرأ ابن كثير : قل كم ، على الأمر ، وقال ( ( إن ) ) على الخبر ، لأن الثانية جواب ، وقرأ الآخرون : قال فيهما جميعاً ، أي : قال الله عز وجل للكفار يوم البعث : كم لبثتم ؟ { في الأرض } أي : في الدنيا وفي القبور . { عدد سنين* }

 
تيسير الكريم المنان في تفسير القرآن لابن سعدي - ابن سعدي [إخفاء]  
{قَٰلَ كَمۡ لَبِثۡتُمۡ فِي ٱلۡأَرۡضِ عَدَدَ سِنِينَ} (112)

{ قَالَ } لهم على وجه اللوم ، وأنهم سفهاء الأحلام ، حيث اكتسبوا في هذه المدة اليسيرة كل شر أوصلهم إلى غضبه وعقوبته ، ولم يكتسبوا ما اكتسبه المؤمنون [ من ] الخير ، الذي يوصلهم إلى السعادة الدائمة ورضوان ربهم .

 
في ظلال القرآن لسيد قطب - سيد قطب [إخفاء]  
{قَٰلَ كَمۡ لَبِثۡتُمۡ فِي ٱلۡأَرۡضِ عَدَدَ سِنِينَ} (112)

99

وبعد هذا الرد القاسي المهين ، وبيان أسبابه ، وما في هذا البيان من ترذيل وتبكيت . . يبدأ استجواب جديد :

( قال : كم لبثتم في الأرض عدد سنين ? ) . .

وإن الله - سبحانه - ليعلم . ولكنه سؤال لاستصغار أمر الأرض ، واستقصار أيامهم فيها ، وقد باعوا بها حياة الخلود . . وإنهم ليحسون اليوم بقصر تلك الحياة وضآلتها . وإنهم ليائسون ضيقو الصدر ، لا يعنيهم حسابها وعدتها :

 
تفسير القرآن العظيم لابن كثير - ابن كثير [إخفاء]  
{قَٰلَ كَمۡ لَبِثۡتُمۡ فِي ٱلۡأَرۡضِ عَدَدَ سِنِينَ} (112)

يقول تعالى منبها لهم على ما أضاعوه في عمرهم القصير في الدنيا من طاعة الله تعالى وعبادته وحده ، ولو صَبَروا في مدة الدنيا القصيرة لفازوا كما فاز أولياؤه المتقون ، { قَالَ كَمْ لَبِثْتُمْ فِي الأرْضِ عَدَدَ سِنِينَ } أي : كم كانت إقامتكم في الدنيا ؟ { قَالُوا لَبِثْنَا يَوْمًا أَوْ بَعْضَ يَوْمٍ فَاسْأَلِ الْعَادِّينَ } أي : الحاسبين

{ قَالَ إِنْ لَبِثْتُمْ إِلا قَلِيلا } أي : مدة يسيرة على كل تقدير { لَوْ أَنَّكُمْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ } أي : لما آثرتم الفاني على الباقي ، ولما تَصَرَّفتم لأنفسكم هذا التصرف السّيئ ، ولا استحققتم من الله سخطه في تلك المدة اليسيرة ، ولو أنكم صبرتم على طاعة الله وعبادته{[20698]} - كما فعل المؤمنون - لفزتم كما فازوا .

قال ابن أبي حاتم : حدثنا أبي ، حدثنا محمد بن الوَزير ، حدثنا الوليد ، حدثنا صفوان ، عن أيفع بن عبد الكَلاعي ؛ أنه سمعه يخطب الناس فقال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : إن الله إذا أدخل أهل الجنة الجنة ، وأهل النار النار ، قال : يا أهل الجنة ، كم لبثتم في الأرض عدد سنين ؟ قالوا : لبثنا يوما أو بعض يوم . قال : لنعم ما اتجرتم في يوم أو بعض يوم : رحمتي ورضواني وجنتي ، امكثوا فيها خالدين مخلدين ؟ ثم يقول : يا أهل النار ، كم لبثتم في الأرض عدد سنين ؟ قالوا : لبثنا يومًا أو بعض يوم . فيقول : بئس ما اتجرتم في يوم أو بعض يوم : ناري وسخطي ، امكثوا فيها خالدين مخلدين " {[20699]} .


[20698]:- في ف : "على عبادته وطاعته".
[20699]:- ورواه ابن الأثير في أسد الغابة (1/187) بإسناده إلى الحكم بن موسى عن الوليد عن صفوان به.
 
التحرير والتنوير لابن عاشور - ابن عاشور [إخفاء]  
{قَٰلَ كَمۡ لَبِثۡتُمۡ فِي ٱلۡأَرۡضِ عَدَدَ سِنِينَ} (112)

قرأ الجمهور : { قال كم لبثتم } بصيغة الماضي فيتعين أن هذا القول يقع عند النفخ في الصور وحياة الأموات من الأرض ، فالأظهر أن يكون هو جواب ( إذا ) في قوله فيما سبق { فإذا نفخ في الصور } [ المؤمنون : 101 ] . والتقدير : قال الله لهم إذا نفخ في الصور . كم لبثتم في الأرض عدد سنين . وما بينهما اعتراضات نشأت بالتفريع والعطف والحال والمقاولات العارضة في خلال ذلك كما علمته مما تقدم في تفسير تلك الآي . وليس من المناسب أن يكون هذا القول حاصلاً بعد دخول الكافرين النار ، والمفسرون الذين حملوه على ذلك تكلفوا ما لا يناسب انتظام المعاني .