الدر المصون في علم الكتاب المكنون للسمين الحلبي - السمين الحلبي  
{قَٰلَ كَمۡ لَبِثۡتُمۡ فِي ٱلۡأَرۡضِ عَدَدَ سِنِينَ} (112)

قوله : { قَالَ كَمْ لَبِثْتُمْ } : قرأ الأخَوان " قل : كم لَبِثْتُمْ " . " قُلْ إنْ لبثتم " بالأمر في الموضعين ، وابن كثير كالأخوين في الأول فقط ، والباقون " قال " في الموضعين ، على الإِخبار عن الله أو المَلَك . والفعلان مرسومان بغيرِ ألفٍ في مصاحفِ الكوفة ، وبألفٍ في مصاحفِ مكةَ والمدينةِ والشامِ والبصرةِ ، فحمزةُ والكسائيُّ وافقا مصاحفَ الكوفة وخالفها عاصمٌ ، أو وافقها على تقديرِ حَذْفِ الألفِ من الرسم وإرادتها . وابن كثير وافق في الثاني مصاحفَ مكة ، وفي الأولِ غيرَها ، أو أتاها على تقديرِ حَذْفِ الألف وإرادتِها . وأمَّا الباقون فوافقوا مصاحفَهم في الأول والثاني .

و " كم " في موضعِ نصبٍ على ظرفِ الزمانِ أي : كم سنة . و " عددَ " بدلٌ مِنْ " كم " قاله أبو البقاء : وقال غيره : إن " عد سنين " تمييز ل " كم " وهذا هو الصحيحُ .

وقرأ الأعمش والمفضل عن عاصم " عَدَداً " منوناً . وفيه أوجهٌ ، أحدُها : أَنْ يكونَ " عدداً " مصدراً أُقيم مُقام الاسمِ ، فهو نعتٌ تقدَّم على المنعوت . قاله صاحب " اللوامح " . يعني أن الأصل : " سنين عدداً " أي : معدودة ، لكنه يُلتزم تقديمُ النعتِ على المنعوتِ ، فصوابُه أن يقول : فانتصبَ حالاً . هذا مذهبُ البصريين . والثاني : أنَّ " لَبِثْتُم " بمعنى عَدَدْتُم . فيكون نصبُ " عدداً " على المصدر و " سنين " بدلٌ منه . وقال صاحب " اللوامح " أيضاً : " وفيه بُعْدٌ ؛ لعدم دلالة اللُّبث على العدد " . والثالث : أنَّ " عدداً " تمييزٌ ل " كم " و " سنين " بدلٌ منه .