تيسير الكريم المنان في تفسير القرآن لابن سعدي - ابن سعدي [إخفاء]  
{وَأُمۡلِي لَهُمۡۚ إِنَّ كَيۡدِي مَتِينٌ} (45)

فإن وهذا من كيد الله لهم ، وكيد الله لأعدائه ، متين قوي ، يبلغ من ضررهم وعذابهم فوق كل مبلغ{[1201]}


[1201]:- في ب: وعقوبتهم كل مبلغ.
 
في ظلال القرآن لسيد قطب - سيد قطب [إخفاء]  
{وَأُمۡلِي لَهُمۡۚ إِنَّ كَيۡدِي مَتِينٌ} (45)

35

وبينما هم في هذا الكرب ، يجيئهم التهديد الرعيب الذي يهد القلوب :

( فذرني ومن يكذب بهذا الحديث ) . .

وهو تهديد مزلزل . . والجبار القهار القوي المتين يقول للرسول [ صلى الله عليه وسلم ] : خلي بيني وبين من يكذب بهذا الحديث . وذرني لحربه فأنا به كفيل !

ومن هو هذا الذي يكذب بهذا الحديث ?

إنه ذلك المخلوق الصغير الهزيل المسكين الضعيف ! هذه النملة المضعوفة . بل هذه الهباءة المنثورة . . بل هذا العدم الذي لا يعني شيئا أمام جبروت الجبار القهار العظيم !

فيا محمد . خل بيني وبين هذا المخلوق . واسترح أنت ومن معك من المؤمنين . فالحرب معي لا معك ولا مع المؤمنين . الحرب معي . وهذا المخلوق عدوي ، وأنا سأتولى أمره فدعه لي ، وذرني معه ، واذهب أنت ومن معك فاستريحوا !

أي هول مزلزل للمكذبين ! وأي طمأنينة للنبي والمؤمنين . . المستضعفين . . ?

ثم يكشف لهم الجبار القهار عن خطة الحرب مع هذا المخلوق الهزيل الصغير الضعيف !

( سنستدرجهم من حيث لا يعلمون . وأملي لهم إن كيدي متين ) . .

وإن شأن المكذبين ، وأهل الأرض أجمعين ، لأهون وأصغر من أن يدبر الله لهم هذه التدابير . . ولكنه - سبحانه - يحذرهم نفسه ليدركوا أنفسهم قبل فوات الأوان . وليعلموا أن الأمان الظاهر الذي يدعه لهم هو الفخ الذي يقعون فيه وهم غارون . وأن إمهالهم على الظلم والبغي والإعراض والضلال هو استدراج لهم إلى أسوأ مصير . وأنه تدبير من الله ليحملوا أوزارهم كاملة ، ويأتوا إلى الموقف مثقلين بالذنوب ، مستحقين للخزي والرهق والتعذيب . .

وليس أكبر من التحذير ، وكشف الاستدراج والتدبير ، عدلا ولا رحمة . والله سبحانه يقدم لأعدائه وأعداء دينه ورسوله عدله ورحمته في هذا التحذير وذلك النذير . وهم بعد ذلك وما يختارون لأنفسهم ، فقد كشف القناع ووضحت الأمور !

إنه سبحانه يمهل ولا يهمل . ويملي للظالم حتى إذا أخذه لم يفلته . وهو هنا يكشف عن طريقته وعن سنته التي قدرها بمشيئته . ويقول لرسوله [ صلى الله عليه وسلم ] ذرني ومن يكذب بهذا الحديث ، وخل بيني وبين المعتزين بالمال والبنين والجاه والسلطان . فسأملي لهم ، واجعل هذه النعمة فخهم ! فيطمئن رسوله ، ويحذر أعداءه . . ثم يدعهم لذلك التهديد الرعيب !

 
تفسير القرآن العظيم لابن كثير - ابن كثير [إخفاء]  
{وَأُمۡلِي لَهُمۡۚ إِنَّ كَيۡدِي مَتِينٌ} (45)

أي : وأؤخرهم وأنظرهم وأمدهم{[29210]} وذلك من كيدي ومكري بهم ؛ ولهذا قال تعالى : { إِنَّ كَيْدِي مَتِينٌ } أي : عظيم لمن خالف أمري ، وكذب رسلي ، واجترأ على معصيتي .

وفي الصحيحين عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال : " إن الله تعالى ليُمْلي للظالم ، حتى إذا أخذه لم يُفْلِتْه " . ثم قرأ : { وَكَذَلِكَ أَخْذُ رَبِّكَ إِذَا أَخَذَ الْقُرَى وَهِيَ ظَالِمَةٌ إِنَّ أَخْذَهُ أَلِيمٌ شَدِيدٌ } [ هود : 102 ] {[29211]} .


[29210]:- (2) في أ: "وأمد لهم".
[29211]:- (3) صحيح البخاري برقم (4686) وصحيح مسلم برقم (2583) من حديث أبي موسى الأشعري، رضي الله عنه.
 
المحرر الوجيز في تفسير الكتاب العزيز لابن عطية - ابن عطية [إخفاء]  
{وَأُمۡلِي لَهُمۡۚ إِنَّ كَيۡدِي مَتِينٌ} (45)

{ وأملي لهم } معناه : أؤخرهم ملاوة من الزمن ، وهي البرهة والقطعة ، يقال : مُلاوة : بضم الميم وبفتحها وبكسرها ، والكيد : عبارة عن العقوبة التي تحل بالكفار من حيث هي : على كيد منهم ، فسمى العقوبة باسم الذنب ، والمتين : القوي الذي له متانة ، ومنه المتن الظهر .