قوله : { وَأُمْلِي لَهُمْ } أي : أمهلهم ، وأطيل لهم المدة ، كقوله { إِنَّمَا نُمْلِي لَهُمْ ليزدادوا إِثْمَاً }[ آل عمران : 178 ] والملاوة : المدة من الدهر ، وأملى الله له ، أي : أطال له ، والملوان : الليل والنهار .
وقيل : { وَأُمْلِي لَهُمْ } ، أي : لا أعاجلهم بالموت ، والمعنى واحد ، والملا مقصور : الأرضِ الواسعة سميت بها لامتدادها { إِنَّ كَيْدِي مَتِينٌ } أي : إن عذابي لقوي شديد ؛ فلا يفوتني أحد ، وسمى إحسانه كيداً كما سماه استدراجاً في صورة الكيدِ ووصفه بالمتانة لقوة أثر استحسانه في السبب للهلاك .
قال ابن الخطيبِ : تمسك الأصحاب بهذه الآية في مسألة إرادة الكائنات ، لأن هذا الاستدراج والكيد إن لم يكن لهما أثر في الطغيان ، فليسا بكيد ، ولا استدراج ، وإن كان لهما أثر فيه لزم أن يكون الحق سبحانه مريداً له ، لأن من فعل شيئاً لحصول شيء وأكده وقواه لا بد وأن يكون مريداً لحصول ذلك الشيء .
أجاب الكعبيُّ : بأن المراد استدراجهم إلى الموتِ ، أي : يخفى عنهم زمن الموت من حيثُ لا يعلمون ، وهو مقتضى الحكمة ، وإلا لكان فيه إغراء بالمعاصي ، لأنهم لو عرفوا الوقت الذي يموتون فيه أقدموا على المعاصي ، ثم صاروا مفتنين .
وأجاب الجبائيُّ : بأن معنى قوله : { سَنَسْتَدْرِجُهُم } أي : إلى العذاب { مِّنْ حَيْثُ لاَ يَعْلَمُونَ } في الآخرة ، { وَأُمْلِي لَهُمْ } في الدنيا توكيداً للحجة عليهم { إِنَّ كَيْدِي مَتِينٌ } فأمهله ، وأزيح الأعذار عنه { لِّيَهْلِكَ مَنْ هَلَكَ عَن بَيِّنَةٍ ويحيى مَنْ حَيَّ عَن بَيِّنَةٍ }[ الأنفال : 42 ] ، ويدل على هذا قوله قبل ذلك : { فَذَرْنِي وَمَن يُكَذِّبُ بهذا الحديث } ولا شك أن هذا التهديد إنما هو بعذاب الآخرة ، فوجب أن يكون الاستدراج والكيد المذكور عقيبه هو عذاب الآخرة وأجاب الأصحاب : أن هنا الإمهال إذا كان مؤدياً إلى الطغيان كان الراضي بالإمهال العالم بتأديه إلى الطغيان لا بد وأن يكون راضياً بذلك الطغيان .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.