الآية 45 وقوله تعالى : { وأملي لهم إن كيدي متين } والأصل أن الكيد والمكر والاستدراج ، يقتضي معنى واحدا ، وهو أن يأخذ من وجه أمنه ، ويراقب وجوه هلاكه ، وهو يستعمل في الخلق على وجه يذم أهله .
فهو يضاف إلى الله تعالى ، ليس على جعل ذلك اسما له ، إذ لا يجوز له أن يسمى ماكرا كايدا مستدرجا ، وإنما يضاف إليه في حق الجزاء باسم ماله الجزاء كما يسمى جزاء السيئة سيئة ، وإن لم يكن الجزاء سيئة وكما سمي جزاء الاعتداء اعتداء ، فكذلك سمي جزاء الكيد على هذا المعنى ، لا أن يكون ذلك منه كيدا في الحقيقة .
أو يقول : إن الذم إنما يلحق الماكر والكايد إذا استعمله في وليه وصفيّه . فأما إذا مكر بعدوه ، وكاد به ، فذلك مما لا بأس به ، ولا يذم عليه فاعله .
وما أضيف من الكيد إلى الله تعالى فذلك حال بأعدائه ليس بأوليائه ، فلم يكن فيه إلحاق معنى مكروه بالله تعالى .
ثم الأصل أن ينظر في الفعل لماذا ؟ أأضيف إلى الله تعالى بحقيقة أم بمجاز ؟
فإن كانت الإضافة بحق المجاز فلا يجعل ذلك اسما له ، لأنه لا يجوز أن يقال : هو كاتب نافخ روح ، ولا كائد ، ولا ماكر ؛ إذ لا يتحقق ذلك منه .
وما كانت إضافته لأجل التحقيق فإنه يستقيم أن يسمى به ، لأنه لا يستقيم أن نسميه منعما مفضّلا خالقا رحمان ؛ إذ الإنعام والإفضال في الخلق موجود منه .
وقوله تعالى : { متينِ } أي قوي ثابت . فقوله تعالى : { إن كيدي متين } أي كيدي لأوليائي على أعدائي ثابت ، ليس ككيد الأعداء ، لأن كيد الأعداء بكيد الشيطان ، وكيد { الشيطان كان ضعيفا } [ النساء : 76 ] .
والأصل أن الكيد الذي أضيف إلى الله تعالى حق ، والحق قوي ثابت ، لا مدفع له ، وكيد الشيطان باطل ، وليس للباطل قرار ، بل هو كما قال الله تعالى : { ومثل كلمة خبيثة كشجرة خبيثة اجتثت من فوق الأرض ما لها من قرار }[ إبراهيم : 26 ] .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.