معالم التنزيل في تفسير القرآن الكريم للبغوي - البغوي [إخفاء]  
{يُوسُفُ أَيُّهَا ٱلصِّدِّيقُ أَفۡتِنَا فِي سَبۡعِ بَقَرَٰتٖ سِمَانٖ يَأۡكُلُهُنَّ سَبۡعٌ عِجَافٞ وَسَبۡعِ سُنۢبُلَٰتٍ خُضۡرٖ وَأُخَرَ يَابِسَٰتٖ لَّعَلِّيٓ أَرۡجِعُ إِلَى ٱلنَّاسِ لَعَلَّهُمۡ يَعۡلَمُونَ} (46)

قوله تعالى : { يوسف } ، يعني : يا يوسف ، { أيها الصديق } ، والصديق الكثير الصدق ، { أفتنا في سبع بقرات سمان يأكلهن سبع عجاف وسبع سنبلات خضر وأخر يابسات } ، فإن الملك رأى هذه الرؤيا ، { لعلي أرجع إلى الناس } ، أهل مصر ، { لعلهم يعلمون } ، تأويل الرؤيا . وقيل : لعلهم يعلمون منزلتك في العلم . فقال لهم يوسف معبرا ومعلما : أما البقرات السمان والسنبلات الخضر : فسبع سنين مخاصيب ، والبقرات العجاف والسنبلات اليابسات : فالسنون المجدبة ، فذلك قوله تعالى إخبارا عن يوسف : { قال تزرعون سبع سنين دأباً } .

 
تيسير الكريم المنان في تفسير القرآن لابن سعدي - ابن سعدي [إخفاء]  
{يُوسُفُ أَيُّهَا ٱلصِّدِّيقُ أَفۡتِنَا فِي سَبۡعِ بَقَرَٰتٖ سِمَانٖ يَأۡكُلُهُنَّ سَبۡعٌ عِجَافٞ وَسَبۡعِ سُنۢبُلَٰتٍ خُضۡرٖ وَأُخَرَ يَابِسَٰتٖ لَّعَلِّيٓ أَرۡجِعُ إِلَى ٱلنَّاسِ لَعَلَّهُمۡ يَعۡلَمُونَ} (46)

{ يُوسُفُ أَيُّهَا الصِّدِّيقُ } أي : كثير الصدق في أقواله وأفعاله . { أَفْتِنَا فِي سَبْعِ بَقَرَاتٍ سِمَانٍ يَأْكُلُهُنَّ سَبْعٌ عِجَافٌ وَسَبْعِ سُنْبُلَاتٍ خُضْرٍ وَأُخَرَ يَابِسَاتٍ لَعَلِّي أَرْجِعُ إِلَى النَّاسِ لَعَلَّهُمْ يَعْلَمُونَ } فإنهم متشوقون لتعبيرها ، وقد أهمتهم .

 
جامع البيان عن تأويل آي القرآن للطبري - الطبري [إخفاء]  
{يُوسُفُ أَيُّهَا ٱلصِّدِّيقُ أَفۡتِنَا فِي سَبۡعِ بَقَرَٰتٖ سِمَانٖ يَأۡكُلُهُنَّ سَبۡعٌ عِجَافٞ وَسَبۡعِ سُنۢبُلَٰتٍ خُضۡرٖ وَأُخَرَ يَابِسَٰتٖ لَّعَلِّيٓ أَرۡجِعُ إِلَى ٱلنَّاسِ لَعَلَّهُمۡ يَعۡلَمُونَ} (46)

القول في تأويل قوله تعالى : { وَقَالَ الّذِي نَجَا مِنْهُمَا وَادّكَرَ بَعْدَ أُمّةٍ أَنَاْ أُنَبّئُكُمْ بِتَأْوِيلِهِ فَأَرْسِلُونِ * يُوسُفُ أَيّهَا الصّدّيقُ أَفْتِنَا فِي سَبْعِ بَقَرَاتٍ سِمَانٍ يَأْكُلُهُنّ سَبْعٌ عِجَافٌ وَسَبْعِ سُنبُلاَتٍ خُضْرٍ وَأُخَرَ يَابِسَاتٍ لّعَلّيَ أَرْجِعُ إِلَى النّاسِ لَعَلّهُمْ يَعْلَمُونَ } .

يقول تعالى ذكره : وقال الذي نجا من القتل من صاحبي السجن اللذين استعبرا يوسف الرؤيا وادّكَرَ يقول : وتذكر ما كان نسي من أمر يوسف ، وذكر حاجته للملِك التي كان سأله عند تعبيره رؤياه أن يذكرها له بقوله : اذْكُرنِي عِنْدَ رَبّكَ بَعدَ أُمّةٍ يعني بعد حين . كالذي :

حدثنا محمد بن بشار ، قال : حدثنا عبد الرحمن ، قال : حدثنا سفيان ، عن عاصم ، عن أبي رُزَين ، عن ابن عباس : وَادّكَرَ بَعْدَ أُمّةٍ قال : بعد حين .

حدثنا أبو كريب ، قال : حدثنا وكيع وحدثنا ابن وكيع ، قال : حدثنا أبي ، عن سفيان ، عن عاصم ، عن أبي رُزَين ، عن ابن عباس ، مثله .

حدثنا الحسن بن يحيى ، قال : أخبرنا عبد الرزاق ، قال : أخبرنا الثوريّ ، عن عاصم ، عن أبي رزين عن ابن عباس ، مثله .

حدثنا أبو كريب ، قال : حدثنا أبو بكر بن عياش : وَادّكَرَ بَعْدَ أُمّةٍ : بعد حين .

حدثنا الحسن بن محمد ، قال : حدثنا عمرو بن محمد ، قال : أخبرنا سفيان ، عن عاصم ، عن أبي رُزَين قال : وَادّكَرَ بَعْدَ أُمّةٍ قال : بعد حين .

حدثني المثنى ، قال : حدثنا أبو نعيم ، قال : حدثنا سفيان ، عن عاصم ، عن أبي رزين ، عن ابن عباس مثله .

قال : حدثنا عبد الله بن صالح ، قال : ثني معاوية ، عن عليّ ، عن ابن عباس ، قوله : وَادّكَرَ بَعْدَ أُمّةٍ يقول : بعد حين .

حدثني محمد بن سعد ، قال : ثني أبي ، قال : ثني عمي ، قال : ثني أبي ، عن أبيه ، عن ابن عباس : وَادّكَرَ بَعْدَ أُمّةٍ قال : ذكر بعد حين .

حدثنا بشر ، قال : حدثنا يزيد ، قال : حدثنا سعيد ، عن قتادة ، عن الحسن : وَادّكَرَ بَعْدَ أُمّةٍ بعد حين .

حدثنا محمد بن عبد الأعلى ، قال : حدثنا محمد بن ثور ، عن معمر ، عن قتادة ، عن الحسن ، مثله .

حدثني الحسن بن محمد ، قال : حدثنا عفان ، قال : حدثنا يزيد بن زريع ، قال : حدثنا سعيد بن أبي عَروبة ، عن قتادة ، عن الحسن ، مثله .

حدثني المثنى ، قال : حدثنا أبو حذيفة ، قال : حدثنا شبل ، عن ابن أبي نجيح ، عن مجاهد : وَادّكَرَ بَعْدَ أُمّةٍ : بعد حين .

حدثنا الحسن بن محمد ، قال : حدثنا حجاج ، عن ابن جريج ، قال : قال ابن كثير بَعْدَ أُمّةٍ : بعد حين . قال : قال ابن جريج ، وقال ابن عباس : بَعْدَ أُمّةٍ قال : بعد سنين .

حدثنا ابن وكيع ، قال : حدثنا عمرو بن محمد ، عن أسباط ، عن السديّ : وَادّكَرَ بَعْدَ أُمّةٍ قال : بعد حين .

حدثني المثنى ، قال : حدثنا الحِمّاني ، قال : حدثنا شريك ، وعن سِماك ، عن عكرمة : وَادّكَرَ بَعْدَ أُمّةٍ أي بعد حِقْبة من الدهر .

وهذا التأويل على قراءة من قرأ : بَعْدَ أُمّةٍ بضمّ الألف وتشديد الميم ، وهي قراءة القرّاء في أمصار الإسلام .

وقد رُوى عن جماعة من المتقدّمين أنهم قرءوا ذلك : «بَعْدَ أُمّةٍ » بفتح الألف وتخفيف الميم وفتحها بمعنى بعد نسيان . وذكر بضهم أن العرب تقول من ذلك : أَمِهَ الرّجلُ يأمَهُ أمَها : إذا نسي . وكذلك تأوّله من قرأ ذلك كذلك . ذكر من قال ذلك :

14804حدثنا الحسن بن محمد ، قال : حدثنا عفان ، قال : حدثنا همام ، عن قتادة ، عن عكرمة ، عن ابن عباس ، أنه كان يقرأ : «بَعْدَ أمَهٍ » ويفسرها : بعد نسيان .

حدثنا ابن حميد ، قال : حدثنا بَهزْ بن أسد ، عن هَمّام ، عن قتادة ، عن عكرمة ، عن ابن عباس أنه قرأ : «بَعْدَ أمَهٍ » يقول : بعد نسيان .

حدثني أبو غسان مالك بن الخليل اليحمَديّ ، قال : حدثنا ابن أبي عديّ ، عن أبي هارون الغنويّ ، عن عكرمة أنه قرأ : «بَعْدَ أمَهٍ » والأمَهُ : النسيان .

حدثني يعقوب وابن وكيع ، قالا : حدثنا ابن علية ، قال : حدثنا أبو هارون الغنوي ، عن عكرمة ، مثله .

حدثنا الحسن بن محمد ، قال : حدثنا عبد الوهاب ، قال : قال هارون ، وثنى أبو هارون الغنوي ، عن عكرمة : «بَعْدَ أمَهٍ » : بعد نسيان .

قال : حدثنا عبد الوهاب ، عن سعيد ، عن قتادة ، عن عكرمة : «وَادّكَرَ بَعْدَ أُمّةٍ » : بعد نسيان .

حدثنا بشر ، قال : حدثنا يزيد ، قال : حدثنا سعيد ، عن قتادة ، عن ابن عباس : أي بعد نسيان .

حدثنا محمد بن عبد الأعلى ، قال : حدثنا محمد بن ثور ، عن معمر ، عن قتادة : «وَادّكَرَ بَعْدَ أُمّةٍ » قال : من بعد نسيانه .

حدثني المثنى ، قال : حدثنا أبو النعمان عارم ، قال : حدثنا حماد بن زيد ، عن عبد الكريم أبي أمية المعلم ، عن مجاهد ، أنه قرأ : «وَادّكَرَ بَعْدَ أُمّةٍ » .

حدثني ابن وكيع ، قال : حدثنا عمرو بن محمد ، عن أبي مرزوق ، عن جويبر ، عن الضحاك : وَادّكَرَ بَعْدَ أُمّةٍ قال : بعد نسيان .

حُدثت عن الحسين بن الفرج ، قال : سمعت أبا معاذ يقول : حدثنا عبيد بن سليمان ، قال : سمعت الضحاك يقول في قوله : «وَادّكَرَ بَعْدَ أُمّةٍ » يقول : بعد نسيان .

وقد ذكر فيها قراءة ثالثة ، وهي ما :

حدثني به المثنى ، قال : أخبرنا إسحاق ، قال حدثنا عبد الله بن الزّبَير ، عن سفيان ، عن حميد ، قال : قرأ مجاهد : «وَادّكَرَ بَعْدَ أُمّةٍ » مجزمة الميم مخففة .

وكأن قارىء ذلك كذلك أراد به المصدر من قولهم : أمِهَ يأْمَهُ أمْها ، وتأويل هذه القراءة ، نظير تأويل من فتح الألف والميم .

وقوله : أناأُنَبّئُكُمْ بتَأْوِيلِهِ يقول : أنا أخبركم بتأويله . فَأرْسِلُونَ يقول : فأطلقوني أمضى لاَتيكم بتأويله من عند العالِم به . وفي الكلام محذوف قد ترك ذكره استغناء بما ظهر عما ترك وذلك : فأرسلوه فأتى يوسف ، فقال له : يا يوسف يا أيها الصديق . كما :

حدثنا حميد ، قال : حدثنا سلمة ، عن ابن إسحاق قال : قالَ المَلِكُ للملإ حوله : إنّي أرَى سَبْعَ بَقَرَاتِ سِمانٍ . . . الآية ، وقالوا له ما قال ، وسمع «نبو » من ذلك ما سمع ومسألتَه عن تأويلها ذكر يوسف وما كان عبر له ولصاحبه وما جاء من ذلك على ما قال من قوله ، قال : أنا أُنَبَئُكُمْ بتَأْوِيلِهِ فأرْسِلُونَ يقول الله تعالى : وَادّكَرَ بَعْدَ أُمّةٍ : أي حقبة من الدهر ، فأتاه فقال : يا يوسف إن الملك قد رأى كذا وكذا فقصّ عليه الرؤيا ، فقال فيها يوسف ما ذكر الله تعالى لنا في الكتاب فجاءهم مثْلَ فَلَق الصبح تأويلها ، فخرج نبو من عند يوسف بما أفتاهم به من تأويل رؤيا الملك ، وأخبره بما قال .

وقيل : إن الذي نجا منهما إنما قال : أرسلوني لأن السجن لم يكن في المدينة . ذكر من قال ذلك :

حدثنا ابن وكيع ، قال : حدثنا عمرو بن محمد ، عن أسباط ، عن السديّ : وقَالَ الّذِي نَجا مِنْهُما وَادّكَرَ بَعْدَ أُمّةٍ أنا أُنَبّئُكُمْ بتَأْوِيلِهِ فأرْسِلُونَقال ابن عباس : لم يكن السجن في المدينة ، فانطلق الساقي إلى يوسف ، فقال : أفْتِنا في سَبْعِ بَقَرَاتٍ سِمانٍ . . . الاَيات .

قوله : أفْتِنا فِي سَبْعِ بَقَرَاتٍ سِمانٍ يَأْكُلُهُن سَبُعٌ عِجافٌ وَسَبْعِ سُنْبُلاتٍ خُضْرٍ وأُخَرَ يابِساتٍ فإن معناه : أفتنا في سبع بقرات سِمان رُئِينَ في المنام يأكلهن سبع منها عجاف ، وفي سبع سنبلات خضر رئين أيضا ، وسبع أخر منهنّ يابسات . فأما السمان من البقر : فإنها السنون المخصبة . كما :

حدثنا محمد بن عبد الأعلى ، قال : حدثنا محمد بن ثور ، عن معمر ، عن قتادة : أفْتِنا في سَبْعٍ بَقَرَاتَ سِمانٍ يَأكُلُهُنّ سَبْعٌ عِجافٌ قال : أما السمان : فسنون منها مخصبة . وأما السبع العِجاف : فسنون مجدبة لا تنبت شيئا .

حدثنا بشر ، قال : حدثنا يزيد ، قال : حدثنا سعيد ، عن قتادة : أفْتنا فِي سَبْعِ بَقَرَاتٍ سِمانٍ فالسمان المخاصيب ، والبقرات العجاف : هي السنون المُحُول الجُدُوب .

قوله : وَسَبْعِ سُنْبُلاتٍ خُضْرٍ وأُخَرَ يابساتٍ أما الخضر : فهنّ السنون المخاصيب ، وأما اليابسات : فهنّ الجُدُوب المحول . والعجاف : جمع عجف ، وهي المهازيل .

وقوله : لَعَلّي أرْجِعُ إلى النّاسِ لَعلّهُمْ يَعْلَمُونَ يقول : كي أرجع إلى الناس فأخبرهم ، لَعَلّهُمْ يَعْلَمُونَ يقول : ليعلموا تأويل ما سألتك عنه من الرؤيا .

 
المحرر الوجيز في تفسير الكتاب العزيز لابن عطية - ابن عطية [إخفاء]  
{يُوسُفُ أَيُّهَا ٱلصِّدِّيقُ أَفۡتِنَا فِي سَبۡعِ بَقَرَٰتٖ سِمَانٖ يَأۡكُلُهُنَّ سَبۡعٌ عِجَافٞ وَسَبۡعِ سُنۢبُلَٰتٍ خُضۡرٖ وَأُخَرَ يَابِسَٰتٖ لَّعَلِّيٓ أَرۡجِعُ إِلَى ٱلنَّاسِ لَعَلَّهُمۡ يَعۡلَمُونَ} (46)

المعنى : فجاء الرسول - وهو الساقي - إلى يوسف فقال له : يا يوسف { أيها الصديق } - وسماه صديقاً من حيث كان جرب صدقه في غير شيء - وهو بناء مبالغة من صدق ، وسمي أبو بكر صديقاً من صدق غيره ، إذ مع كل تصديق صدق ، فالمصدق بالحقائق صادق أيضاً ، وعلى هذا سمي المؤمنون صديقين في قوله تعالى : { والذين آمنوا بالله ورسله أولئك هم الصديقون }{[6707]} .

ثم قال : { أفتنا في سبع بقرات } أي فيمن رأى في منام سبع بقرات ، وحكى النقاش حديثاً روى فيه : أن جبريل عليه السلام دخل على يوسف في السجن وبشره بعطف الله تعالى عليه ، وأخرجه من السجن وأنه قد أحدث للملك منامة جعلها سبباً لفرج يوسف . ويروى أن الملك كان يرى { سبع بقرات سمان } يخرجن من نهر ، وتخرج وراءها { سبع عجاف } ، فتأكل العجاف السمان ، فكان يعجب كيف غلبتها وكيف وسعت السمان في بطون العجاف{[6708]} ، وكان يرى { سبع سنبلات خضر } وقد التفت بها سبع يابسات ، حتى كانت تغطي خضرتها فعجب أيضاً لذلك .

وقوله : { لعلهم يعلمون } أي تأويل هذه الرؤيا ، فيزول هم الملك لذلك وهم الناس . وقيل : { لعلهم يعلمون } مكانتك من العلم وكنه فضلك فيكون ذلك سبباً لتخلصك .


[6707]:من الآية (19) من سورة (الحديد).
[6708]:ويصح أن تضبط هكذا: وسعت السمان بطون العجاف، كما يقال: "هذا الإناء يسع عشرين كيلا، ويسعه عشرون كيلا. (المعجم الوسيط).