السراج المنير في تفسير القرآن الكريم للشربيني - الشربيني  
{يُوسُفُ أَيُّهَا ٱلصِّدِّيقُ أَفۡتِنَا فِي سَبۡعِ بَقَرَٰتٖ سِمَانٖ يَأۡكُلُهُنَّ سَبۡعٌ عِجَافٞ وَسَبۡعِ سُنۢبُلَٰتٍ خُضۡرٖ وَأُخَرَ يَابِسَٰتٖ لَّعَلِّيٓ أَرۡجِعُ إِلَى ٱلنَّاسِ لَعَلَّهُمۡ يَعۡلَمُونَ} (46)

فقال الساقي المرسل إليه منادياً له نداء القرب تحبباً إليه : { يوسف } وزاد في التحبب بقوله { أيها الصدّيق } ، أي : البليغ في الصدق والتصديق ؛ لأنه جرّب أحواله وعرف صدقه في تأويل رؤياه ورؤيا صاحبه ، وهذا يدل على أنّ من أراد أن يتعلم من رجل شيئاً فإنه يجب عليه أن يعظمه وأن يخاطبه بالألفاظ المشعرة بالإجلال ، ثم إنه أعاد السؤال يعني اللفظ الذي ذكره الملك فقال : { أفتنا } ، أي : اذكر لنا الحكم { في سبع بقرات سمان } ، أي : رآهنّ الملك { يأكلهنّ سبع } من البقر { عجاف و } في { سبع سنبلات } جمع سنبلة وهي مجمع الحب من الزرع { خضر و } في سبع { أخر } من السنابل { يابسات } ، أي : في رؤيا ذلك ، ونعم ما فعل من ذكر السؤال بعين اللفظ ، فإنّ نفس الرؤيا قد تختلف بحسب اختلاف الألفاظ كما هو مذكور في ذلك العلم ثم قال : { لعلي أرجع إلى الناس } ، أي : إلى الملك وجماعته بفتواك قبل مانع يمنعني { لعلهم يرجعون } ، أي : بتأويل هذه الرؤيا ، وقيل : بمنزلتك في العلم . وقرأ نافع وابن كثير وأبو عمرو وابن عامر بفتح الياء ، والباقون بالسكون .