معالم التنزيل في تفسير القرآن الكريم للبغوي - البغوي [إخفاء]  
{ٱلَّذِي جَمَعَ مَالٗا وَعَدَّدَهُۥ} (2)

ثم وصفه فقال : { الذي جمع مالاً } قرأ أبو جعفر ، وابن عامر ، وحفص ، وحمزة ، والكسائي : { جمع } بتشديد الميم على التكثير ، وقرأ الآخرون بالتخفيف . { وعدده } أحصاه ، وقال مقاتل : استعده وادخره وجعله عتاداً له ، يقال : أعددت الشيء وعددته إذا أمسكته .

 
تيسير الكريم المنان في تفسير القرآن لابن سعدي - ابن سعدي [إخفاء]  
{ٱلَّذِي جَمَعَ مَالٗا وَعَدَّدَهُۥ} (2)

ومن صفة هذا الهماز اللماز أنه لا هم له سوى جمع المال ، وتعديده ، والغبطة به ، وليس له رغبة في إنفاقه في طرق الخيرات ، وصلة الأرحام ، ونحو ذلك .

 
جامع البيان عن تأويل آي القرآن للطبري - الطبري [إخفاء]  
{ٱلَّذِي جَمَعَ مَالٗا وَعَدَّدَهُۥ} (2)

وقوله : { الّذِي جَمَعَ مالاً وَعَدّدَهُ } يقول : الذي جمع مالاً وأحصى عدده ، ولم ينفقه في سبيل الله ، ولم يؤدّ حقّ الله فيه ، ولكنه جمعه فأوعاه وحفظه .

واختلفت القرّاء في قراءة ذلك ، فقرأه من قرّاء أهل المدينة أبو جعفر ، وعامة قرّاء الكوفة سوى عاصم : «جَمّع » بالتشديد ، وقرأ ذلك عامة قرّاء المدينة والحجاز ، سوى أبي جعفر وعامة قرّاء البصرة ، ومن الكوفة عاصم ، «جَمَع » بالتخفيف ، وكلهم مجمعون على تشديد الدال من عَدّدَهُ ، على الوجه الذي ذكرت من تأويله . وقد ذُكر عن بعض المتقدّمين بإسناد غير ثابت ، أنه قرأه : «جَمَعَ مالاً وَعَدَدَهُ » بتخفيف الدال ، بمعنى : جمع مالاً ، وجمع عشيرته وعَدَدَه . هذه قراءة لا أستجيز القراءة بها ، بخلافِها قراءة الأمصار ، وخروجِها عما عليه الحجة مجمعة في ذلك .

وأما قوله : { جَمَعَ مالاً } فإن التشديد والتخفيف فيهما صوابان ؛ لأنهما قراءتان معروفتان في قَرَأَة الأمصار ، متقاربتا المعنى ، فبأيتهما قرأ القارىء فمصيب .

 
أنوار التنزيل وأسرار التأويل للبيضاوي - البيضاوي [إخفاء]  
{ٱلَّذِي جَمَعَ مَالٗا وَعَدَّدَهُۥ} (2)

{ الذي جمع مالا } بدل من كل أو ذم منصوب أو مرفوع . وقرأ ابن عامر وحمزة والكسائي بالتشديد للتكثير وعدده ، وجعله عدة للنوازل ، أو عده مرة بعد أخرى ، ويؤيده أنه قرئ ( وعدده ) على فك الإدغام .

 
المحرر الوجيز في تفسير الكتاب العزيز لابن عطية - ابن عطية [إخفاء]  
{ٱلَّذِي جَمَعَ مَالٗا وَعَدَّدَهُۥ} (2)

وقرأ ابن عامر وحمزة والكسائي والحسن وأبو جعفر : «جمّع » بشدة الميم ، والباقون بالتخفيف ، وقوله { وعدده } معناه : أحصاه وحافظ على عدده وأن لا ينتقص ، فمنعه من الخيرات ونفقة البر . وقال مقاتل : المعنى استعده وذخره . وقرأ الحسن : «وعدَدَه » بتخفيف الدالين ، فقيل : المعنى جمع مالاً وعدداً من عشرة ، وقيل : أراد عدداً مشدداً ، فحل التضعيف ، وهذا قلق .

 
التحرير والتنوير لابن عاشور - ابن عاشور [إخفاء]  
{ٱلَّذِي جَمَعَ مَالٗا وَعَدَّدَهُۥ} (2)

وأتبع { الذي جمع مالاً وعدده } لزيادة تشنيع صفتيه الذميمتين بصفة الحرص على المال . وإنما ينشأ ذلك عن بخل النفس والتخوف من الفقر ، والمقصود من ذلك دخول أولئك الذين عُرفوا بهمز المسلمين ولمزهم الذين قيل إنهم سبب نزول السورة لتعيينهم في هذا الوعيد .

واسم الموصول من قوله : { الذي جمع مالاً } نعت آخر ولم يعطف { الذي } بالواو لأن ذكر الأوصاف المتعددة للموصوف الواحد يجوز أن يكون بدون عطف نحو قوله تعالى : { ولا تطع كل حلاف مهين هماز مشاء بنميم مناع للخير معتد أثيم عتل بعد ذلك زنيم } [ القلم : 10 13 ] .

والمال : مكاسب الإِنسان التي تنفعه وتكفي مؤونة حاجته من طعام ولباس وما يتخذ منه ذلك كالأنعام والأشجار ذات الثمار المثمرة . وقد غلب لفظ المال في كل قوم من العرب على ما هو الكثير من مشمولاتهم فغلب اسم المال بين أهل الخيام على الإِبل قال زهير :

فكُلاّ أراهم أصبحوا يعقلونه *** صحيحاتِ مال طالعات بمخرم

يريد إبل الدية ولذلك قال : طالعات بمخرم .

وهو عند أهل القرى الذين يتخذون الحوائط يغلب على النخل يقولون خرج فلان إلى مَاله ، أي إلى جناته ، وفي كلام أبي هريرة : " وإن إخواني الأنصار شغلهم العمل في أموالهم " وقال أبو طلحة : « وإن أحب أموالي إليَّ بئرُ حاء » .

وغلب عند أهل مكة على الدراهم لأن أهل مكة أهل تجر ومن ذلك قول النبي صلى الله عليه وسلم للعباس : " أينَ المال الذي عند أم الفضل " .

وتقدم في قوله تعالى : { لن تنالوا البر حتى تنفقوا مما تحبون } سورة آل عمران ( 92 ) .

ومعنى : { عدده } أكْثر من عدِّه ، أي حسابه لشدة ولعه بجمعه فالتضعيف للمبالغة في ( عدَّ ) ومعاودته .

وقرأ الجمهور { جمع مالاً } بتخفيف الميم ، وقرأه ابن عامر وحمزة والكسائي وأبو جعفر ورويس عن يعقوب وخلفٌ بتشديد الميم مزاوجاً لقوله : { عدده } وهو مبالغة في { جمع } . وعلى قراءة الجمهور دل تضعيف { عدده } على معنى تكلف جمعه بطريق الكناية لأنه لا يكرر عده إلا ليزيد جمعه .

ويجوز أن يكون { عدده } بمعنى أكثر إعداده ، أي إعداد أنواعه فيكون كقوله تعالى : { والقناطير المقنطرة من الذهب والفضة والخيل المسومة والأنعام والحرث } [ آل عمران : 14 ] .