قوله تعالى : { أم عندهم خزائن ربك } قال عكرمة : يعني النبوة . قال مقاتل : أبأيديهم مفاتيح ربك بالرسالة فيضعونها حيث شاؤوا ؟ قال الكلبي : خزائن المطر والرزق ، { أم هم المصيطرون } المسلطون الجبارون ، قال عطاء : أرباب قاهرون فلا يكونوا تحت أمر ونهي ، يفعلون ما شاؤوا . ويجوز بالسين والصاد جميعاً ، وقرأ ابن عامر بالسين هاهنا ، وفي قوله : { بمسيطر } ، وقرأ حمزة بإشمام الزاي فيهما ، وقرأ ابن كثير هاهنا بالسين و بمصيطر بالصاد ، وقرأ الآخرون بالصاد فيهما .
{ أَمْ عِنْدَهُمْ خَزَائِنُ رَبِّكَ أَمْ هُمُ الْمُسَيْطِرُونَ } أي : أعند هؤلاء المكذبين خزائن رحمة ربك ، فيعطون من يشاءون ويمنعون من يريدون ؟ أي : فلذلك حجروا على الله أن يعطي النبوة عبده ورسوله محمدا صلى الله عليه وسلم ، وكأنهم الوكلاء المفوضون على خزائن رحمة الله ، وهم أحقر وأذل من ذلك ، فليس في أيديهم لأنفسهم نفع ولا ضر ، ولا موت ولا حياة ولا نشور .
{ أَهُمْ يَقْسِمُونَ رَحْمَةَ رَبِّكَ نَحْنُ قَسَمْنَا بَيْنَهُمْ مَعِيشَتَهُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا }
{ أَمْ هُمُ الْمُسَيْطِرُونَ } أي : المتسلطون على خلق الله وملكه ، بالقهر والغلبة ؟
القول في تأويل قوله تعالى : { أَمْ عِندَهُمْ خَزَآئِنُ رَبّكَ أَمْ هُمُ الْمُسَيْطِرُونَ * أَمْ لَهُمْ سُلّمٌ يَسْتَمِعُونَ فِيهِ فَلْيَأْتِ مُسْتَمِعُهُم بِسُلْطَانٍ مّبِينٍ } .
يقول تعالى ذكره : أعند هؤلاء المكذّبين بآيات الله خزائن ربك يا محمد ، فهم لاستغنائهم بذلك عن آيات ربهم معرضون ، أم هم المسيطرون . اختلف أهل التأويل في تأويل ذلك ، فقال بعضهم : معناه : أم هم المسلّطون . ذكر من قال ذلك :
حدثني عليّ ، قال : حدثنا أبو صالح ، قال : ثني معاوية ، عن عليّ ، عن ابن عباس ، قوله : أمْ هُمْ المُسَيْطِرُونَ يقول : المسلّطون .
وقال آخرون : بل معنى ذلك : أم هم المُنْزِلُونَ . ذكر من قال ذلك :
حدثني محمد بن سعد ، قال : ثني أبي ، قال : ثني عمي ، قال : ثني أبي ، عن أبيه ، عن ابن عباس ، قوله : أمْ عِنْدَهُمْ خَزَائِنُ رَبّكَ أمْ هُمُ المُسَيْطِرُونَ قال : يقول أم هم المنزلون .
وقال آخرون : بل معنى ذلك : أم هم الأرباب ، وممن قال ذلك معمر بن المثنى ، قال : يقال : سيطرتَ عليّ : أي اتخذتني خولاً لك .
وأولى الأقوال في ذلك بالصواب قول من قال : معنى ذلك : أم هم الجبّارون المتسلطون المستكبرون على الله ، وذلك أن المسيطر في كلام العرب الجبار المتسلط ، ومنه قول الله : لَسْتَ عَلَيْهِمْ بِمُسَيْطِرٍ يقول : لست عليهم بجبار مسلط .
قوله تعالى : { أم عندهم خزائن ربك } بمنزلة قوله : أم عندهم الاستغناء عن الله في جميع الأمور ، لأن المال والصحة والقوة وغير ذلك من الأشياء كلها من خزائن الله كلها . قال الزهراوي وقيل يريد ب «الخزائن » : العلم ، وهذا قول حسن إذا تأمل وبسط . وقال الرماني : خزائنه تعالى : مقدوراته ، و : «المصيطر » المسلط القاهر ، وبذلك فسر ابن عباس وأصله السين ، ولكن كتبه بعض الناس . وقرأه بالصاد مراعاة للطاء ليتناسب النطق . وحكى أبو عبيدة : تسيطرت علي إذا اتخذتني خولاً .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.