معالم التنزيل في تفسير القرآن الكريم للبغوي - البغوي [إخفاء]  
{إِلَّا قِيلٗا سَلَٰمٗا سَلَٰمٗا} (26)

قوله تعالى : { جزاء بما كانوا يعملون لا يسمعون فيها لغوا ولا تأثيما إلا قيلاً } يعني قولاً : { سلاماً سلاماً } نصبهما اتباعاً لقوله : " قيلاً " أي يسمعون سلاماً سلاماً . قال عطاء : يحيي بعضهم بعضاً بالسلام .

 
تيسير الكريم المنان في تفسير القرآن لابن سعدي - ابن سعدي [إخفاء]  
{إِلَّا قِيلٗا سَلَٰمٗا سَلَٰمٗا} (26)

{ إِلَّا قِيلًا سَلَامًا سَلَامًا } أي : إلا كلاما طيبا ، وذلك لأنها دار الطيبين ، ولا يكون فيها إلا كل طيب ، وهذا دليل على حسن أدب أهل الجنة في خطابهم فيما بينهم ، وأنه أطيب كلام ، وأسره للنفوس{[965]}  وأسلمه من كل لغو وإثم ، نسأل الله من فضله .


[965]:- في ب: للقلوب.
 
التفسير الوسيط للقرآن الكريم لسيد طنطاوي - سيد طنطاوي [إخفاء]  
{إِلَّا قِيلٗا سَلَٰمٗا سَلَٰمٗا} (26)

قوله - تعالى - : { لاَ يَسْمَعُونَ فِيهَا لَغْواً وَلاَ تَأْثِيماً إِلاَّ قِيلاً سَلاَماً سَلاَماً } تتميم للنعم التى أنعم - سبحانه - عليهم بها فى الجنة .

واللغو : الكلام الساقط الذى لا فائدة منه ، ولا وزن له . يقال : لغا فلان يلغو . إذا قال كلاما يلام عليه .

والتأثيم : مصدر إثم ، إذا نسب غيره إلى الإثم وفعل ما لا يليق .

أى : أن هؤلاء المقربين لا يسمعون فى الجنة كلاما لا يعتد به ، ولا يسمعون - أيضا - كلاما سيئا أو قبيحا ، بأن ينسب بعضهم إلى بعض ما لا يليق به ، وإنما الذى يسمعونه هو الكلام الطيب المشتمل على الأمان المتكرر ، والتحية الدائمة .

ولفظ { سَلاَماً } الأول ، بدل من قوله { قِيلاً } أو نعت له . . . أى : سالما من العيوب . والتكرير لهذا اللفظ القصد منه التأكيد ، والإشعاربكثرة تحيتهم بهذا اللفظ الدال على المحبة والوئام .

أى : لا يسمعون فى الجنة إلا سلاما إثر سلام ، وتحية فى أعقاب تحية ، ومودة تتلوها مودة .

والاستثناء منقطع ، لأن السلام لا يندرج تحت اللغو ، وهو من تأكيد المدح بما يشبه الذم ، و { قِيلاً } بمعنى : قولا ، وهو منصوب على الاستثناء . .

وإلى هنا نجد الآيات الكريمة ، قد بينت أقسام الناس يوم القيامة ، وفصلت ما أعده - سبحانه - للسابقين ، من عطاء جزيل ، وفضل عميم .

 
أنوار التنزيل وأسرار التأويل للبيضاوي - البيضاوي [إخفاء]  
{إِلَّا قِيلٗا سَلَٰمٗا سَلَٰمٗا} (26)

إلا قليلا أي قولا سلاما سلاما بدل من قيلا كقوله تعالى لا يسمعون فيها لغوا إلا سلاما أو صفته أو مفعوله بمعنى إلا أن يقولوا سلاما أو مصدر والتكرير للدلالة على فشو السلام بينهم وقرئ سلام سلام على الحكاية .

 
التحرير والتنوير لابن عاشور - ابن عاشور [إخفاء]  
{إِلَّا قِيلٗا سَلَٰمٗا سَلَٰمٗا} (26)

وأتبع ذكر هذه النعمة بذكر نعمة أخرى من الأنعام بالمسموع الذي يفيد الكرامة لأن الإِكرام لذة رُوحية يُكسب النفس عزة وإدلالاً بقوله : { إلا قيلاً سلاماً سلاماً } . وهو استثناء من { لغواً و تأثيماً } بطريقة تأكيد الشيء بما يشبه ضده المشتهر في البديع باسم تأكيد المدح لما يشبه الذم ، وله موقع عظيم من البلاغة كقوله النابغة :

ولا عيب فيهم غيرَ أنّ سيوفهم *** بهن فلول من قراع الكتائب

فالاستثناء متصل إدعاءً وهو المعبر عنه بالاستثناء المنقطع بحسب حاصل المعنى ، وعليه فإن انتصاب { قيلاً } على الاستثناء لا على البدلية من { لغواً } .

و { سلاماً } الأول مقول { قيلاً } أي هذا اللفظ الذي تقديره : سَلمنا سَلاماً ، فهو جملة محكية بالقول .

و { سلاماً } الثاني تكرير ل { سلاماً } الأول تكريراً ليس للتأكيد بل لإِفادة التعاقب ، أي سلاماً إثر سلام ، كقوله تعالى : { كلا إذا دكت الأرض دَكَّاً دَكاً } [ الفجر : 21 ] وقولهم : قرأت النحو باباً باباً ، أو مشاراً به إلى كثرة المسلِّمين فهو مؤذن مع الكرامة بأنهم معظمون مبجلون ، والفرق بين الوجهين أن الأول يفيد التكرير بتكرير الأزمنة ، والثاني يفيد التكرار بتكرار المسلِّمين .

وهذا القيل يتلقونه من الملائكة الموكلين بالجنة ، قال تعالى : { والملائكة يدخلون عليهم من كل باب سلام عليكم بما صبرتم } [ الرعد : 23 ، 24 ] ويتلقاه بعضهم من بعض كما قال تعالى : { وتحيتهم فيها سلام } [ يونس : 10 ] .

وإنما جيء بلفظ : { سلاماً } منصوباً دون الرفع مع كون الرفع أدل على المبالغة كما ذكروه في قوله : { قالوا سَلاماً قال سلام } في سورة هود ( 69 ) وسورة الذاريات ( 25 ) لأنه أريد جعله بدلاً من { قيلاً } .