اللباب في علوم الكتاب لابن عادل - ابن عادل  
{إِلَّا قِيلٗا سَلَٰمٗا سَلَٰمٗا} (26)

قوله : «إلاَّ قيلاً » ، فيه قولان :

أحدهما : أنه استثناء منقطع ، وهذا واضح ؛ لأنه لم يندرج تحت اللغو والتأثيم .

والثاني : أنه متصل .

وفيه بعد ، وكأن هذا رأى أن الأصل : لا يسمعون فيها كلاماً ، فاندرج عنده فيه .

وقال مكّي{[54827]} : وقيل : منصوب ب «يَسْمَعُون » . وكأنه أراد هذا القول .

قوله : { سَلاَماً سَلاَماً } . فيه أوجه :

أحدها : أنه بدل من «قيلاً » أي : لا يسمعون فيها إلا سلاماً سلاماً .

الثاني : أنه نعت ل «قيلاً » .

الثالث : أنه منصوب بنفس «قيلاً » ، أي : إلاَّ أن يقولوا : سلاماً سلاماً ، وهو قول الزَّجَّاج{[54828]} .

الرابع : أن يكون منصوباً بفعل مقدّر ، ذلك الفعل محكيّ ب «قيلاً » تقديره : إلا قيلاً سلموا سلاماً .

وقرئ{[54829]} : «سلامٌ » بالرفع .

قال الزمخشري{[54830]} : «على الحِكايَةِ » .

قال مكي{[54831]} : «ويجوز أن يكون في الكلام الرفع على معنى «سلام عليكم » ابتداء وخبر » وكأنه لم يعرفها قراءة{[54832]} .

فصل في معنى الآية

معنى «قيلاً سلاماً » أي : قولاً سلاماً .

وقال عطاء : يُحَيِّي بعضهم بعضاً بالسَّلام .

قال القرطبي{[54833]} : «والسَّلام الثاني بدل من الأول ، والمعنى : إلا قيلاً يسلم فيه من اللغو ، وقيل : تحييهم الملائكة ، أو يحييهم ربهم عزَّ وجلَّ » .

وكرَّر السَّلام إشارة إلى كثرة السلام عليهم ، ولهذا لم يكرر قوله : { سَلاَمٌ قَوْلاً مِّن رَّبٍّ رَّحِيمٍ } [ يس : 58 ] .

و«القيل » مصدر كالقول .

قال ابن الخطيب{[54834]} : فيكون «قيلاً » مصدراً ، لكن لا نظير له في «باب » فعل يفعل من الأجوف .

وقيل : إنه اسم ، والقول مصدر .


[54827]:ينظر: المشكل 2/712.
[54828]:ينظر معاني القرآن للزجاج 5/112.
[54829]:ينظر الكشاف 4/460، والدر المصون 6/259.
[54830]:ينظر: الكشاف 4/460.
[54831]:ينظر: المشكل 2/712.
[54832]:ينظر: الدر المصون 6/259.
[54833]:الجامع لأحكام القرآن 17/134.
[54834]:التفسير الكبير 17/140.