{ وَعَجِبُوا أَنْ جَاءَهُمْ مُنْذِرٌ مِنْهُمْ } أي : عجب هؤلاء المكذبون في أمر ليس محل عجب ، أن جاءهم منذر منهم ، ليتمكنوا من التلقي عنه ، وليعرفوه حق المعرفة ، ولأنه من قومهم ، فلا تأخذهم النخوة القومية عن اتباعه ، فهذا مما يوجب الشكر عليهم ، وتمام الانقياد له .
ولكنهم عكسوا القضية ، فتعجبوا تعجب إنكار وَقَالُوا من كفرهم وظلمهم : { هَذَا سَاحِرٌ كَذَّابٌ }
ثم حكى - سبحانه - بعد ذلك جانبا من أكاذيب المشركين الناتجة عن استكبارهم وشقاقهم فقال : { وعجبوا أَن جَآءَهُم مٌّنذِرٌ مِّنْهُمْ وَقَالَ الكافرون هذا سَاحِرٌ كَذَّابٌ . أَجَعَلَ الآلهة إلها وَاحِداً إِنَّ هذا لَشَيْءٌ عُجَابٌ . وانطلق الملأ مِنْهُمْ أَنِ امشوا وَاْصْبِرُواْ على آلِهَتِكُمْ إِنَّ هذا لَشَيْءٌ يُرَادُ } . .
وقد ذكر المفسرون فى سبب نزول هذه الآيات روايات منها : " أن جماعة من قريش اجتمعوا فى نفر من مشيخة قريش ، فقال بعضهم لبعض : انطلقوا بنا إلى أبى طالب ، لنكلمه فى شأن ابن أخيه . . . فلما دخلوا على أبى طالب قالوا له : أنت كبيرنا وسيدنا ، فأنصفنا من ابن أخيك ، فمره فليكف عن شتم آلهتنا ، وندعه وإلهه .
فقال أبو طالب للنبى صلى الله عليه وسلم يا ابن أخى هؤلاء مشيخة قريش ، وقد سألوك أن تكف عن شتم آلهتهم ويدعوك وإلهك .
فقال صلى الله عليه وسلم : " يا عم ، أفلا أدعوهم إلى ما هو خير لهم ؟ قال : وإلام تدعوهم ؟ قال : أدعوهم أن يتكلموا بكلمة تدين لهم بها العرب ، ويملكون بها العجم " .
فقال أبو جهل بن القوم : ما هى وأبيك ؟ لنعطينها لك وشعرة أمثالها ، فقال صلى الله عليه وسلم : " تقولون : لا إله إلا الله " .
فنفر أبو جهل وقال : سلنا غير هذا .
فقال صلى الله عليه وسلم : " لو جئتمونى بالشمس حتى تضعوها فى يدى ، ما سألتكم غيرها "
فقاموا غضابا . وقالوا : والله لنشتمنك وإلهك الذى أرسلك بهذا " .
وقوله - تعالى - { وعجبوا . . . } مأخوذ من العجب ، وهو تغير فى النفس من أمر لا ترتاح إليه ، وتخفى لديها أسبابه .
أى : وعجب هؤلاء الكافرون من مجئ منذر منهم ينذرهم بسوء عاقبة الشرك . ويأمرهم بعبادة الله - تعالى - وحده .
{ وَقَالَ } هؤلاء { الكافرون } عندما دعاهم الرسول صلى الله عليه وسلم إلى الدين الحق .
{ هذا سَاحِرٌ كَذَّابٌ } أى : قالوا : هذا الرسول ساحر لأنه يأتينا بخوارق لم نألفها ، وكذاب فيما يسنده إلى الله - تعالى - من أنه - سبحانه - أرسله إلينا .
وقال - سبحانه - : { وَقَالَ الكافرون } بالإِظهار دون الإِضمار ، لتسجيل الكفر والجحود عليهم . وللإِيذان بأن كفرهم هو الباعث لهم على وصف الرسول صلى الله عليه وسلم بما هو منزه عنه من السحر والكذب .
يقول تعالى مخبرا عن المشركين في تعجبهم من بعثة الرسول بشرا ، كما قال تعالى : { أَكَانَ لِلنَّاسِ عَجَبًا أَنْ أَوْحَيْنَا إِلَى رَجُلٍ مِنْهُمْ أَنْ أَنْذِرِ النَّاسَ وَبَشِّرِ الَّذِينَ آمَنُوا أَنَّ لَهُمْ قَدَمَ صِدْقٍ عِنْدَ رَبِّهِمْ قَالَ الْكَافِرُونَ إِنَّ هَذَا لَسَاحِرٌ مُبِينٌ } وقال هاهنا : { وَعَجِبُوا أَنْ جَاءَهُمْ مُنْذِرٌ مِنْهُمْ } أي : بشر مثلهم ، { وَقَالَ الْكَافِرُونَ هَذَا سَاحِرٌ كَذَّابٌ } .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.