ولما كان جعل المنذر منهم ليس محلاًّ للعجب فعدوه عجباً لما ظهر من تقسيمهم القول فيه ، عجب منهم في قوله : { وعجبوا أن } أي لأجل أن { جاءهم } ولما كان تعجبهم من مطلق نذارته لا مبالغته فيها أتى باسم الفاعل دون فعيل فقال : { منذر منهم } أي من البشر ثم من العرب ثم من قريش ولم يكن من الملائكة مثلاً وكان ينبغي لهم أن لا يعجبوا من ذلك فإن كون النذير بما يحل من المصائب من القوم المنذرين - مع كونه أشرف لهم - أقعد في النذارة لأنهم أعرف به وبما هو منطو عليه من صدق وشفقة وغير ذلك ، وهو الذي جرت به العوائد في القديم والحديث لكونهم إليه أميل ، فهم لكلامه أقبل .
ولما كانوا أعرف الناس بهذا النذير صلى الله عليه وسلم في أنه أصدقهم لهجة وأعلاهم همة وأنه منفي عنه كل نقيصة ووصمة ، زاد في التعجيب بأن قال معبراً بالواو دون الفاء لأن وصفهم له بالسحر ليس شبيه هذا العجب : { وقال } ولما كانوا يسترون الحق مع معرفتهم إياه فهم جاحدون لا جاهلون ، ومعاندون لا غافلون ، أظهر موضع الإضمار إشارة إلى ذلك وإيذاناً بشديد غضبه في قوله : { الكافرون هذا } أي النذير .
ولما كان ما يبديه من الخوارق إعجازاً فعلاً وقولاً يجذب القلوب ، وكان أقرب ما يقدحون به فيه السحر قذفوه به ولم يعبروا بصيغة مبالغة لئلا يكون ذلك إيضاحاً جاذباً للقلوب إليه فقالوا : { ساحر } أي لأنه يفرق بما أتى به بين المرء وزوجه ، فاعترفوا - مع نسبتهم له إلى السحر وهم يعلمون أنهم كاذبون في ذلك - أن ما أتى به فوق ما لهم من القوى { كذاب * } أي في ادعائه أن ما سحر به حق ليس هو كسحر السحرة ، وأتوا بوقاحة بصيغة المبالغة وقد كانوا قبل ذلك يسمونه الأمين وهم يعلمون أنه لم يتجدد له شيء إلا إتيانه بأصدق الصدق وأحق الحق مع ترقيه في معارج الكمال من غير خفاء على أحد له أدنى تأمل .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.